ما هي الحساسية؟ وماهي أعراضها؟ وكيف نعالجها ونتقي شرها؟

ما هي الحساسية؟ وماهي أعراضها؟ وكيف نعالجها ونتقي شرها؟

0 reviews

مع بداية فصل الربيع وتفتح الأزهار ونمو الأعشاب والشائش، يعاني أناس عديدون من الإصابة بأمراض الحساسية التي يتسبب فيها غبار الطلع المنتشر في الجو. والواقع أن المواد المسببة للتحسس (أو الأرج) كثيرة جدا في الطبيعة، لذا يكون التحسس في كل فصول السنة ولا يقتصر على فصل الربيع.

فما هي الحساسية؟ وماهي أعراضها؟ وكيف نعالجها ونتقي شرها؟ 

الحساسية:

يتعرض أناس كثيرون للمواد المحسسة أو المؤرجة ( غبار الطلع، ووبر الحيوانات وأوراق النباتات)، ومع ذلك لا تحدث الحساسية إلا عند نسبة معينة تقدر بعشرين بالمائة من السكان (وهي ليست بالقليلة ، ويعود السبب في ذلك إلى وجود استعداد خاص موروث على الأغلب. . فالجسم العادي لا يبدي مقاومة تجاه العامل المؤرج إذا يعتبره مألوفا ولا ضرر منه. . أما الجسم  المستعد للتحسس فإنه يبدي مقاومة مبالغا فيها هو ما ندعوه التحسس أو الأرج Allergy.

وفي الطبيعة أكثر من مليار مادة غريبة عن جسم الإنسان تدعى (مولدات الأضداد Antigens) . منها الجراثيم المختلفة والحمّات الراشحة (الفيروسات) التي تمرض الإنسان.. فيشكل تجاهها مناعة حينما يولد أجساماً مضادة تحاربها ندعوها الأضداد Antibodies.

ولقد تعارف الناس على أننا قد نقدم جزيئات من هذه المواد الغريبة للجسم بالفم أو بالحقن كما في حالة اللقاحات من اجل تكوين المناعة.

وقد يعاني الإنسان كثيرا من جراء هذا الدفاع المستميت ضد مواد ليست خطرة أصلا أو أنها مفيدة مثل الطعام. فما الذي يحدث بالضبط عند هؤلاء؟

حدوث الحساسية:

من اجل حدوث التحسس لا بد أن يتعرف الجسم إلى المادة المسببة للحساسية، ويتم ذلك حين تدخل هذه المواد إلى الجسم عن طريق جهاز التنفس ( غبار الطلع مثلاً) أو الهضم (البيض مثلاً) أو الدم ( حقن دواء أو سم حشرة).. أو بالتماس مع الجلد، ثم تتعرف الكريات البيض على الجسم الغريب وتنتج أضدادا له (من نوع الغلوبولين المناعي) حتى إذا ما دخل الجسم الغريب مرة أخرى انطلقت الأضداد المذكورة وهاجمته.. فيحدث تفاعل خلوي ينجم عنه انطلاق مواد كيميائية أهمها الهستامين، وهي التي تحدث الأعراض في مكان انطلاقها مثل العطاس والدموع وضيق التنفس والحكة وغيرها.

المواد المسببة للحساسية:

من حيث المبدأ يمكن لأية مادة أن تسبب  الحساسية.. مثل غبار الطلع، والبخور، والدخان، والغازات المختلفة، والأصواف، وأوبار الحيوانات، والمبيدات الحشرية، والأطعمة (لا سيما المأكولات البحرية والبيض والمكسرات وبعض أنواع الحلويات)، والمعادن المختلفة ( لا سيما النيكل في المجوهرات المقلدة)، وذرات العفن والغبار، ويكثر التحسس من غبار الطلع في الأيام الدافئة التي يهب النسيم فيها، ويقل في الأيام الرطبة أو الماطرة. وعلى سبيل المثال يشيع في دولة الإمارات العربية المتحدة الربو القصبي لاجتماع عوامل ثلاثة هي:

  • الرطوبة الزائدة حيث تمتد الإمارات على شاطئ طويل على الخليج العربي.
  • الغبار والرمال الناعمة التي تهب بين حين آخر.
  • شيوع استخدام السجاد في البيوت وما يمكن أن تحتويه أوبارها من غبا ر وحشرات مجهريية، وما تتركه الرطوبة من آثار عليها.

كما تشتهر الإمارات العربية المتحدة بوجود نوع خاص من النمل الأسود يدعى (السمسوم ) وهو يسبب لبضع الناس حساسية تصل عند بعضهم إلى حساسية شديدة أو قاتلة.

أعراض الحساسية:

تبدأ الحساسية بأعراض تصيب أحد أجهزة الجسم المختلفة كجهاز التنفس أو الجهاز الهضمي.. تبعاً لمكان انطلاق الهستامين ومشابهاته.. وتختلف شدة الأعراض بين شخص وآخر فتكون خفيفة عند شخص، وشديدة عند آخر، وقد تصل إلى حد يهدد الحياة، وهذا ما ندعوه بالصدمة التأقية، ومن أعراض الحساسية:

  • أعراض التنفس: يحدث في الأنف ما يشبه الرشح المزمن الذي لا يكاد يفارق الشخص من سيلان الأنف وتورمه وسعال وعطاس وحكة في العين. ويدعى ذلك حساسية الأنف أو حمى القش أو .. والفرق بين حساسية الأنف والرشح فيروسي المنشأ، هو عدم حدوث حمى أو وعكة في التحسس، ويكون الحدوث مفاجئاً عند التعرض لمادة محسسة، والعطاس بصورة متناوبة ويكون سيلان الأنف رائقاً وإذا فحص وجدت فيه الإيوزينيات (كريات بيض وردية اللون).

كما تنتاب الشخص أعراض ضيق التنفس والأزيز القصبي (الربو) وهو الصفير الناجم عن مرور الهواء في القصبات الهوائية المتضيقة، حيث يحدث ما يشبه الاختناق ويحتاج إلى الإسعاف.

*أعراض العيون: الدموع واحمرار العينين وحرقة الأجفان.

* أعراض الجلد: حكة اليدين والطفح الجلدي الناز (أكزيما حادة)، والشرى (وهو بقع مدورة حمر كبيرة مرتفعة عن الجلد قد تختفي بسرعة). ويجب تمييز الأعراض الجلدية الناجمة عن تناول بعض الأدوية مثل الأسبرين والأمبيسيلين عن الحساسية الجلدية.

* أعراض الجهاز الهضمي: الإسهال والغثيان والقيء، والمعروف أن حساسية الأغذية نادرة، وكثيراً ما يعزو الناس أعراض إضطراب القولون وعسر الهضم والغازات إلى الحساسية، وكذلك أعراض عدم التحمل الغذائي الناجمة عن وجود ذيافين جرثومية المنشأ في الغذاء مثل الإسهال والقيء، وعدم تحمل الحليب عند نصف البالغين الذين يعانون من إسهال وألم بطني بسبب عوز خميرة اللاكتاز الهاضمة للحليب.

*الأعراض الجهازية:

وأهمها ما ندعوه الصدمة  التأقية أو التحسسية Ananaphylactic وأكثر ما ترى نتيجة الحقن الوريدي للأدوية (مثل البنسلين) أو لدغات بعض الحشرات مثل: بعض أنواع النمل والنحل والدبابير .. وفيها يهبط الضغط الشرياني بشكل مفاجيء وتخور قوى المريض الذي يسقط أرضاً، ويحتاج إلى إسعاف سريع جدا لإنقاذه.

ومن العلامات المميزة للتحسس تكرار حدوثه أو اشتداده بعد قضاء الإجازة الأسبوعية مثلا بسبب التعرض المتكرر للعامل المؤرج .. مثل التحسس من نبتة ما في المكتب، أو عطر معين يستخدمه زميل.. أو عند الدخول إلى مخزن مليء بالغبار أو الروائح أو مصنع تنبعث منه الأدخنة.

الوراثة والحساسية:

يوجد إستعداد وراثي واضح للحساسية بشكل ما من الأشكال التي ورد ذكرها .. فإذا كان أحد الوالدين مصابا بالحساسية، فإن احتمال إصابة الأبناء محتملة بنسبة 30- 35 % ، وترتفع تلك النسبة إلى 60-75 % عند إصابة الوالدين معا بأمراض الحساسية ، وليس ضروريا أن يحدث التحسس من ذات المادة أو بنفس الشكل، فقد يوجد ربو عند الأب وإكزيما عند الأخت وحساسية أنفية أو عينية عند الأبناء.

ويمكن أن تحدث الحساسية في أي عمر من الطفولة إلى الشيخوخة.. ولا يعرف لماذا تظهر الحساسية من مادة بشكل مفاجئ علما أن الشخص قد تعرض لها مرارا في السابق.

تشخيص الحساسية:

قد يكون التشخيص صعبا.. إلا أنه يجب التأكد من أن الأعراض المشتكى منها ناجمة فعلا عن الحساسية لا عن شيء آخر، حيث يسهل الخلط بين منشأ الأعراض. وعند الشك يلجأ الطبيب إلى الفحوص التي تتماشى إيجابيتها مع الحساسية مثل فحص الكريات البيض ( حيث تزداد الأيوزينيات) وعيار الغلوبولوين المناعي. وهناك فحوص أخرى مثل اختبارات التحسس الجلدية، وفيها تترك على الجلد مواد مختلفة ويلاحظ أثرها فيما بعد، فإن تركت أثرا أحمر متورماً اعتبرت مواد تسبب المرض.. وليس من الضروري أن تكون كل المواد ذات الأثر الجيد مؤثرة على جهاز التنفس مثلا. ولنتذكر أن للعامل الشخصي وقوة الملاحظة دورا في معرفة العامل المسبب للمرض ففي التحسس الغذائي مثلا يمكن تقديم نوع واحد من الغذاء يومياً ومن ثم معرفة الأغذية التي يتحسس منها الشخص. كما يمكن تسجيل الملاحظات بشأن الأطعمة والألبسة والزيارات... الخ، وكذا تواريخ حدوث التحسس، ومن ثم اكتشاف أسبابه.

المرجع

مجلة القافلة صفر 1417هـ الموافق يونيو/ يوليو 1996م

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

265

followings

592

followings

6657

similar articles