
كيف ينام طفلي بسرعة و هدوء
تبحثين في آخر الليل عن حل تنقذك من معركة النوم اليومية مع طفلك. أتفهم تعبك حين يتأخر صغيرك في النوم او حين يتحول السرير إلى ساحة اعذار لا نهاية لها. ماما عطشان، ماما قصة اخرى، ماما الضوء ... وهكذا . ولأنني عشت هذه المعاناة بنفسي عندما ساعدت أختي في تربية اطفالها، فقد اختبرت لحظات القلق والتعب التي تمرين بها الآن ومع كل تجربة كنت اقرا الكثير من المقالات والكتب واتتبع نصائح الخبراء لأبحث عن الحلول التي تُحدث فرقا حقيقيا.
اليوم قررت ان اشاركك خلاصة ما تعلمته وما قراته وما طبقته في هذا المقال المتواضع والنابع من التجربة الشخصية. ستجدين ما يساعدك انشاء الله في خطوات بسيطة وثابتة تحول وقت النوم من هم ثقيل إلى لحظة دافئة وهادئة لك ولطفلك، لتنعمي بليال اكثر راحة وفلذة كبدك أكثر صحة وسعادة.
والان و بعد ان شاركتك هذا الشعور والتجربة حان الوقت ان ننتقل سويا من دائرة المعاناة إلى دائرة الحلول. في السطور القادمة ستجدين خطوات عملية مدعومة بخبرة وتجارب حقيقية لتساعدك على جعل طفلك ينام بسهولة بعيدا عن الفوضى والدموع
هل تعلمين مدى اهمية النوم لطفلك ؟
النوم ليس مجرد وقت راحة جسدية، بل هو عملية بيولوجية معقدة يقوم خلالها دماغ الطفل بترتيب المعلومات وتثبيت الذكريات وتجديد الطاقة. يحتاج اطفال الروضة (من عمر 3 إلى 5 سنوات) ما بين عشر إلى ثلاث عشرة ساعة نوم يوميا وتشمل القيلولة النهارية القصيرة اما الأطفال في المرحلة الابتدائية (من 6 إلى 12 سنة) فهم بحاجة إلى تسع إلى اثنتي عشرة ساعة نوم متواصلة ليلا هذه الساعات ليست ترفا بل هي شرط أساسي لنمو سليم عقليًا وجسديا.اثبتت دراسات عديدة ان الأطفال الذين يحصلون على نوم كاف يتمتعون بقدرة اكبرعلى التركيز داخل الصف ويميلون الى سلوكيات اكثر هدوءا. بينما قلة النوم ترتبط بالعصبية، ضعف التحصيل الدراسي، وحتى مشكلات صحية مثل السمنة لذلك عندما تسعين لتنظيم نوم طفلك، فانت لا توفرين له الراحة فقط بل تؤسسين شخصية متوازنة وصحة افضل على المدى الطويل.
بناء روتين نوم فعّال (السر الحقيقي)
السر في جعل ينام بسرعة طفلك لا يكمن في حيلة سحرية بل في الروتين. الأطفال بطبعهم يحتاجون إلى نظام واضح يُشعرهم بالأمان. ابدئي بتحضير روتين نوم ثابت يتكرر كل يوم في نفس الوقت تقريبا. يمكن أن يشمل هذا الروتين حماما دافئا يساعد على استرخاء العضلات، ثم تغيير الملابس وارتداء البيجامة، يليها قراءة قصة قصيرة بصوت هادئ. لا تهم مدة القصة بقدر ما تهم النبرة الهادئة التي تضع الطفل في اجواء النوم. الالتزام بالروتين لا يمنح الطفل إحساسًا بالطمأنينة فقط بل يدرب جسده على التعرف تلقائيا على وقت النوم. تذكري ان الأطفال يحبون التكرار وكلما كان الروتين بسيطا وثابتا كان نجاحه أسرع.
بيئة النوم المثالية غرفة النوم تلعب دورا كبيرا في سرعة نوم الطفل وجودته فالضوضاء والإضاءة القوية والفوضى البصرية كلها عوامل تشتت الطفل وتؤخر دخوله في النوم. اجعلي الغرفة مظلمة او شبه مظلمة وحافظي على درجة حرارة معتدلة بين 20 و24 درجة مئوية. كما ان الفراش والوسادة يجب ان يكونا مريحين ومناسبين لعمر الطفل. بعض الأطفال يفضلون وجود لعبة محشوة صغيرة أو بطانية ناعمة تمنحهم شعورا بالأمان، وهذا أمر جيد بشرط ان تكون آمنة. تذكري ان البساطة هي مفتاح النجاح؛ كلما كانت غرفة النوم خالية من المشتتات والألعاب الزائدة، كان النوم أسرع وأعمق.
ماذا نتجنب قبل النوم؟الخطأ الأكبر الذي تقع فيه كثير من الأمهات هو السماح للأطفال باستخدام الأجهزة الإلكترونية قبل النوم. الضوء الأزرق الصادر عن الشاشات يعيق افراز هرمون الميلاتونين المسؤول عن النعاس، مما يجعل الطفل مستيقظا لفترة اطول لذلك يجب إيقاف جميع الأجهزة قبل النوم بساعتين على الأقل.كذلك تجنبي اعطاء طفلك وجبة ثقيلة او مشروبات محلاة بالسكر قبل النوم مباشرة، فهي تزيد من نشاطه وتمنع الاسترخاء. حتى اللعب الحركي العنيف أو النشاط البدني القوي في ساعات متأخرة قد يؤدي إلى نتيجة عكسية ويجعل النوم اكثر صعوبة.
النشاط النهاري وعلاقته بالنوم الليلي لا يكفي ان نطالب الطفل بالنوم في الليل إذا لم يكن لديه نشاط كافي خلال النهار. يحتاج الأطفال الى تفريغ طاقاتهم من خلال اللعب في الخارج، الجري، او حتى ممارسة انشطة منزلية بسيطة الطفل الذي يلهو ويتحرك خلال اليوم سيكون اكثر استعدادا للنوم مبكرا. لكن من المهم أيضا ان ننتبه إلى التوازن. التعب المفرط قد يؤدي الى نتائج عكسية حيث يصبح الطفل متوترا وغير قادر على الاسترخاء. لذلك خصصي وقتا للنشاط النهاري واحرصي ان تكون القيلولة معتدلة المدة وألا تمتد إلى ساعات المساء المتأخرة.
التعامل مع الاستيقاظ الليلي المتكرر
كثير من الأطفال يستيقظون في الليل لسبب أو لآخر، وهنا يختبر صبر الأم. من المهم ان تكون استجابتك هادئة وسريعة كاطفاء الضوء، تحدّثي بصوت منخفض، وطماني طفلك بإيماءة أو لمسة قصيرة. الهدف هو تلبية احتياجاته الحقيقية (مثل العطش أو الحاجة للحمام) ثم إعادته فورا الى السرير دون إطالة او لعب. مع مرور الوقت، يتعلم الطفل كيف يهدئ نفسه ويعود للنوم دون الحاجة المستمرة لوجودك بجانبه اما اذا لاحظتِ أعراضا غير طبيعية مثل الشخير الشديد او توقف التنفس اثناء النوم فيجب استشارة الطبيب فورا لان هذه قد تكون علامات لمشكلات صحية.
و اخيرا ليالي هادئة تعني اطفالا اصحاء وامهات اكثر راحة. ومن الليلة يمكنك البدء بخطوات بسيطة تقودك إلى تغيير حقيقي.