
لماذا يوصي خبراء النوم بالنوم على الجانب الأيسر؟
لماذا يوصي خبراء النوم بالنوم على الجانب الأيسر؟

هل هناك وضع مثالي للنوم؟
النوم ليس مجرد استسلام للراحة، بل هو لغة الجسد والعقل معًا، حيث يبحث كل إنسان عن الوضعية التي تمنحه الطمأنينة وتعيد له التوازن بعد عناء النهار. ورغم أن الجواب الأبسط هو: الوضعية التي ترتاح فيها أكثر، إلا أن الأبحاث الطبية تكشف لنا أسرارًا أعمق حول أي وضعيات للنوم قد تكون دواءً شافيًا، وأيها قد تتحول إلى عبء خفي على الصحة.
النوم على الجانب: خيار الحياة
يتفق الأطباء على أن النوم على أحد الجانبين هو الوضعية الأكثر أمانًا وفائدة. فهي تحافظ على محاذاة العمود الفقري وتقلل من الشخير ومشاكل توقف التنفس أثناء النوم. أما النوم على البطن فيُثقل على الرقبة والعمود الفقري، والنوم على الظهر قد يكون دعوة مفتوحة للشخير واضطرابات التنفس.
لكن السؤال يظل قائمًا: هل الأفضل النوم على الجانب الأيمن أم الأيسر؟
قوة الجانب الأيسر: صحة القلب والجهاز الهضمي
النوم على الجانب الأيسر ليس مجرد ارتياح، بل هو خيار ذكي يعزز صحة الجسد:
راحة لمعدتك: الدراسات أثبتت أن النوم على الجانب الأيسر يقلل من أعراض الارتجاع المعدي المريئي، إذ يمنع أحماض المعدة من الصعود إلى المريء.
دورة دموية أفضل: يقلل هذا الوضع من الضغط على القلب، ويساعد على تدفق الدم بسلاسة، خصوصًا عند من يعانون أمراض الشرايين الطرفية أو متلازمة تململ الساقين.
تنظيف داخلي: الجهاز اللمفاوي، المسؤول عن تصريف السموم، يعمل بكفاءة أكبر حين نميل بجسدنا إلى اليسار. وكأن النوم يصبح رحلة تطهير خفية للجسد أثناء الليل.
أثناء الحمل: الجانب الأيسر حياة للأم والطفل
في الأشهر الأخيرة من الحمل، يصبح النوم على الجانب الأيسر أكثر من مجرد توصية، إنه ضرورة طبية تحمل في طياتها راحة للأم وسلامة للجنين:
تحسين الدورة الدموية: يمنع ضغط الرحم على الوريد الأجوف، مما يسهل تدفق الدم إلى القلب والمشيمة، فيغمر الطفل بالأكسجين والغذاء.
حماية الكبد والأعضاء: النوم بهذا الشكل يقلل من الضغط على الكبد ويُخفف من مشاكل الهضم والارتجاع.
تخفيف التورم: يساعد على تصريف السوائل وتقليل الانتفاخ في الساقين والقدمين.
كما يؤكد الدكتور فيرند سومرز :
“النوم على الجانب الأيسر يخفف الضغط على الأعضاء ويعزز تدفق الدم الصحي... إنه أمر بالغ الأهمية، خصوصًا أثناء الحمل.”
النوم… أكثر من راحة
النوم ليس مجرد لحظة يغلق فيها الإنسان عينيه، بل هو رحلة شفاء صامتة. والوضعية التي نختارها قد تكون الجسر الذي يعبر بنا نحو الصحة والطمأنينة، أو الطريق الذي يقود إلى التعب والمرض. ولعل الجانب الأيسر هو الحارس الأمين لجسدنا، يمنحه الراحة، ويُعيد إليه توازنه، ويهمس له في هدوء الليل: "اطمئن... أنت بخير."
في النهاية، النوم ليس مجرد استراحة من النهار، بل هو لغة صامتة بين الجسد والروح. والوضعية التي نختارها قد تكون مفتاحًا لصحة أعمق وطمأنينة أوسع، تمامًا كما يختار القلب لحنه الخاص ليظل نابضًا بالحياة.