
تجربتي مع الرهاب الاجتماعي... من العزلة الى الانفتاح
لطالما شعرت أن العالم مكان مليء بالتوتر. مجرد التحدث مع شخص غريب، أو إلقاء التحية في العمل، كان كافياً لإثارة الرعب بداخلي. هذه ليست خجلاً عابراً، بل رهاب اجتماعي اجتماعحقيقي رافقني لسنوات. واليوم، أشارككم تجربتي مع الرهاب الاجتماعي، ليس كخبير، بل كشخص عاش هذه المعاناة وتعلم منها.
بداية الاكتشاف
لم أكن أدرك في البداية أنني أعاني من مشكلة. كنت أبرر لنفسي أنني فقط "شخص خجول". لكن مع مرور الوقت، أصبحت أتجنب أي موقف يتطلب التواصل الاجتماعي. الاجتماعات الدراسية، المناسبات العائلية، وحتى المحادثات البسيطة في المتجر، كلها كانت مصدر قلق وخوف. كنت أختار العزلة، وأتجنب الاختلاط بالناس، لأن الخوف من نظرات الآخرين ومن الحكم عليّ كان مسيطراً عليّ تماماً.
كيف أثّر الرهاب الاجتماعي على حياتي؟
الرهاب الاجتماعي لم يحرمني فقط من الأصدقاء، بل أيضًا من فرص حقيقية في الحياة. عندما كنت في الجامعة، خسرت فرصة تقديم مشروع أمام زملائي لأنني لم أستطع مواجهة الجمهور. في العمل، كنت أتجنب التحدث في الاجتماعات، مما جعل رؤسائي يظنون أنني غير مهتم أو غير مؤهل. شعرت أنني أسير في دوامة من **الخوف والانعزال وفقدان الثقة بالنفس.
اللحظة الفارقة
اللحظة التي غيرت مسار حياتي كانت عندما فوّت مقابلة عمل كنت أتمناها كثيرًا. كل شيء كان جاهزًا، لكنني في آخر لحظة انسحبت بسبب خوفي من التحدث أمام لجنة المقابلة. وقتها، أدركت أنني بحاجة إلى التغيير. لم أعد أرغب في العيش داخل سجن الخوف. بدأت أبحث عن معلومات حول "الرهاب الاجتماعي" و"طرق التغلب على الرهاب الاجتماعي"، لأفهم ما يحدث بداخلي.
بداية طريق العلاج
في البداية، كان الأمر صعبًا. قررت مواجهة خوفي تدريجيًا. بدأت بخطوات بسيطة: إلقاء التحية على الجيران، التحدث مع البائع في المحل، المشاركة في المجموعات الصغيرة. كنت أمارس تمارين التنفس والتأمل قبل أي موقف اجتماعي، وكنت أكتب مخاوفي في دفتر خاص بي لأفهمها وأراقب تطوري.
كما بدأت أتابع فيديوهات على يوتيوب لأشخاص شاركوا تجاربهم مع الرهاب الاجتماعي. هذا جعلني أشعر أنني لست وحدي. لاحقًا، قررت الذهاب إلى أخصائي نفسي، وهناك بدأت جلسات العلاج السلوكي المعرفي (CBT) التي ساعدتني كثيرًا في تغيير طريقة تفكيري تجاه الناس والمواقف الاجتماعية.
التقدم والتحسن
بعد عدة أشهر، لاحظت تحسنًا حقيقيًا. لم أعد أتجنب المناسبات، وأصبحت أكثر راحة في الحديث مع الغرباء. صحيح أنني ما زلت أواجه بعض التوتر في المواقف الكبيرة، لكن الفرق شاسع بين ما كنت عليه وما أصبحت عليه اليوم. الأهم من ذلك أنني استعدت ثقتي بنفسي، وبدأت أعيش الحياة بدلًا من الهروب منها.
الدروس التي تعلمتها
1. الاعتراف بالمشكلة هو أول خطوة نحو الشفاء. الإنكار يطيل المعاناة.
2. الرهاب الاجتماعي ليس عيبًا أو ضعفًا، بل حالة نفسية قابلة للعلاج.
3. الخطوات الصغيرة تصنع الفرق، فلا تستهين بأي تقدم تحققه.
4. طلب المساعدة ليس ضعفًا، بل شجاعة حقيقية.
5. مشاركة التجربة مع الآخرين تساعد على الشفاء، وتمنح القوة لمن يعانون بصمت.
في الختام
تجربتي مع الرهاب الاجتماعي علّمتني الكثير عن نفسي وعن الآخرين. تعلمت أن الخوف لا يزول بين يوم وليلة، لكنه يضعف كلما واجهناه. إذا كنت تقرأ هذا المقال وتشعر أنك تمر بنفس التجربة، فأنت لست وحدك. ابدأ بخطوة صغيرة، وكن رحيمًا بنفسك. التغيير ممكن..