
الاكتئاب: الأسباب، الأعراض، التشخيص، والعلاج

الاكتئاب ليس مجرد شعور بالحزن أو الكآبة، بل هو اضطراب نفسي يؤثر على المزاج والسلوك والصحة العامة. يُعد من أكثر الأمراض النفسية شيوعًا في العالم، ويؤثر على ملايين الأشخاص من مختلف الأعمار والخلفيات. وفي هذا المقال، نستعرض بشكل شامل أسباب الاكتئاب، اعراضه، وطرق تشخيصه، وأساليب علاجه.
ما هو الاكتئاب؟
الاكتئاب هو اضطراب مزاجي يتميز بشعور دائم بالحزن، وفقدان الاهتمام بالأنشطة اليومية، وانخفاض الطاقة. أيضا يؤثر على طريقة التفكير، والنوم، والشهية، والعلاقات الاجتماعية. تختلف شدته من شخص لآخر، وقد يكون مؤقتًا أو مزمنًا.
في حين أن الجميع يعانون من الحزن من حين لآخر، إلا أن الاكتئاب يكون أكثر حدة وطويل الأمد ومُسببًا للاضطراب. بدون علاج مناسب، يمكن أن يتفاقم مع مرور الوقت ويساهم في مشاكل صحية أخرى.
أسباب الاكتئاب
تتعدد أسباب الاكتئاب وتتشابك بين عوامل بيولوجية ونفسية واجتماعية، ومن أبرزها:
١. العوامل البيولوجية
كيمياء الدماغ:
يمكن أن تؤثر اختلالات النواقل العصبية مثل السيروتونين والدوبامين والنورادرينالين على تنظيم المزاج.
التغيرات الهرمونية:
قد تُحفز حالات مثل اضطرابات الغدة الدرقية، أو انقطاع الطمث، أو التغيرات الهرمونية بعد الولادة على الاكتئاب.
العوامل الوراثية:
يزيد التاريخ العائلي للإصابة بالاكتئاب من خطر الإصابة به.
٢. العوامل النفسية
سمات الشخصية: قد يكون الأشخاص الذين يعانون من تدني احترام الذات، أو ميول الكمال، أو حساسية مفرطة للتوتر أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب.
الصدمة أو الإساءة: يمكن أن تساهم التجارب السابقة من الصدمة أو الإهمال أو الإساءة في نوبات الاكتئاب.
٣. العوامل البيئية ونمط الحياة
الإجهاد المزمن: يمكن أن يؤدي ضغط العمل، أو الصعوبات المالية، أو خلافات العلاقات إلى الاكتئاب.
الحزن أو الفقد: يمكن أن يؤدي وفاة شخص عزيز، أو الطلاق، أو فقدان الوظيفة إلى ظهور أعراض الاكتئاب.
إدمان المواد: يمكن أن يؤدي تعاطي الكحول أو المخدرات إلى تفاقم الاكتئاب أو التسبب فيه.
الحالات الطبية: ترتبط الأمراض المزمنة (مثل السكري وأمراض القلب) والألم المزمن بارتفاع معدلات الاكتئاب.
أعراض الاكتئاب
تختلف أعراض الاكتئاب من شخص لآخر، ولكنها تشمل عادةً تغيرات عاطفية ومعرفية وجسدية.
الأعراض العاطفية
الحزن المستمر، أو اليأس، أو الفراغ.
الانفعال أو الإحباط بسبب أمور بسيطة.
فقدان الاهتمام بالهوايات أو الأنشطة التي كانت ممتعة سابقًا.
الشعور بالذنب أو انعدام القيمة.
أفكار الموت أو الانتحار.
الأعراض الإدراكية
صعوبة في التركيز أو اتخاذ القرارات
مشاكل في الذاكرة
تفكير سلبي ومتشائم
الأعراض الجسدية
التعب وانخفاض الطاقة.
تغيرات في الشهية (الإفراط في تناول الطعام أو فقدان الشهية).
اضطرابات النوم (الأرق أو النوم المفرط).
آلام وأوجاع غير مبررة.
بطء في الحركة أو الكلام.
الأعراض السلوكية والاجتماعية
- الانسحاب من العلاقات الاجتماعية
- انخفاض الأداء في العمل أو الدراسة
- اللجوء إلى العادات السلبية مثل التدخين أو تعاطي الكحول
الحالات الشديدة
في الحالات الشديدة، قد يؤدي الاكتئاب إلى أفكار انتحارية أو إيذاء النفس. إذا كنت أنت أو أي شخص تعرفه يعاني من هذه الأعراض، فاطلب المساعدة الفورية من أخصائي الصحة النفسية.
تشخيص الاكتئاب
لا يوجد اختبار واحد للاكتئاب. بدلاً من ذلك، يستخدم مقدمو الرعاية الصحية مجموعة من الأساليب لتشخيص الاكتئاب:
١. التقييم السريري
سيجري الطبيب أو أخصائي الصحة النفسية تقييمًا شاملاً، يشمل:
التاريخ الطبي: التحقق من الحالات الصحية الكامنة أو الأدوية التي قد تُسهم في ظهور الأعراض.
مراجعة الأعراض: مناقشة مدة أعراض الاكتئاب و تكرارها وشدتها.
٢. الاستبيانات النفسية
تساعد أدوات الفحص المعيارية، مثل PHQ-9 (استبيان صحة المريض-9)، في تقييم شدة الاكتئاب.
٣. الفحوصات المخبرية
قد تُجرى فحوصات الدم لاستبعاد مشاكل الغدة الدرقية، أو نقص الفيتامينات، أو غيرها من المشاكل الطبية التي تُشبه الاكتئاب.
٤.معايير DSM-5
يتم تشخيص اضطراب الاكتئاب الشديد (MDD) إذا عانى الشخص من خمسة أعراض أو أكثر (بما في ذلك المزاج المكتئب أو فقدان الاهتمام) لمدة أسبوعين على الأقل.
أنواع الاكتئاب
- الاكتئاب الشديد (السريري):وهو أكثر الأنواع حدة، ويستمر لأكثر من أسبوعين.
- الاكتئاب الجزئي (المزمن): أعراضه أقل حدة لكنها تستمر لفترة أطول (سنتين أو أكثر).
- الاكتئاب الموسمي: يظهر في فصول معينة مثل الشتاء بسبب قلة التعرض للشمس.
- اكتئاب ما بعد الولادة: يصيب بعض النساء بعد الإنجاب.
- الاكتئاب الذهاني: يصاحبه أعراض ذهانية مثل الهلوسة أو الأوهام.
خيارات علاج الاكتئاب
الاكتئاب قابل للعلاج، ويتعافى الكثير من الناس باتباع النهج الصحيح. تُصمّم خطط العلاج لتناسب الاحتياجات الفردية، وقد تشمل:
١. العلاج النفسي (العلاج بالكلام)
العلاج السلوكي المعرفي (CBT): يساعد على تحديد أنماط التفكير السلبية وتغييرها.
العلاج بين الأشخاص (IPT): يُركز على تحسين العلاقات والتواصل.
العلاج النفسي الديناميكي: يستكشف التجارب السابقة التي تؤثر على المشاعر الحالية.
٢.الأدوية
مضادات الاكتئاب: تُوصف عادةً مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية (SSRIs) (مثل فلوكستين، سيرترالين) مثبطات استرداد السيروتونين والنورأدرينالين (SNRIs) (مثل فينلافاكسين).
مضادات الاكتئاب غير التقليدية: مثل بوبروبيون أو ميرتازابين، لمن لا يستجيبون لمثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية.
مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات (TCAs): أدوية قديمة تُستخدم في الحالات المقاومة للعلاج.
ملاحظة: قد تستغرق الأدوية من 4 إلى 6 أسابيع حتى تظهر آثارها، ويجب تناولها دائمًا تحت إشراف طبي.
٣. تغيير نمط الحياة
- ممارسة الرياضة بانتظام
- تناول غذاء صحي ومتوازن
- الحصول على نوم كافٍ
- تجنب الكحول والمخدرات
- بناء علاقات اجتماعية إيجابية
٤. العلاجات البديلة
- العلاج بالضوء: فعال في حالات الاكتئاب الموسمي.
- التأمل واليوغا: تساعد على الاسترخاء وتقليل التوتر.
- المكملات الغذائية: مثل أوميغا-3 أو عشبة القديس جون، لكن يجب استشارة الطبيب قبل استخدامها.
متى يجب طلب المساعدة؟
إذا استمرت الأعراض لأكثر من أسبوعين وأثرت على حياتك اليومية، من المهم التوجه إلى طبيب نفسي أو أخصائي صحة عقلية. الاكتئاب ليس ضعفًا، بل حالة طبية تحتاج إلى علاج ودعم.
خاتمة
الاكتئاب مرض شائع لكنه قابل للعلاج. الفهم الصحيح لأسبابه وأعراضه وطرق التعامل معه يمكن أن يُحدث فرقًا كبيرًا في حياة المصاب. لا تتردد في طلب المساعدة، فالعلاج المبكر يُحسن فرص التعافي ويمنع المضاعفات.
المصادر
https://www.webteb.com/mental-health/diseases/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%83%D8%AA%D8%A6%D8%A7%D8%A8