لإرهاق النفسي بعد المحادثة: تأثير خفي لا يدركه الكثيرون

الصحة النفسية

 

## **لماذا تشعر بالتعب بعد التحدث مع بعض الأشخاص؟ (تفسير نفسي غير متوقع)**

 

هل شعرت يومًا بأنك مرهق نفسيًا بعد محادثة عادية مع أحدهم، رغم أن الحديث لم يكن سلبيًا أو مؤذيًا؟ ربما لم يحدث صراخ أو جدال، ومع ذلك خرجت من اللقاء وأنت تشعر بالتعب، أو الصداع، أو حتى الحزن غير المبرر.

إذا مررت بهذه التجربة، فأنت لست وحدك. هناك تفسير نفسي حقيقي لهذه الظاهرة، ويُعرف باسم **"الاستنزاف العاطفي غير المباشر"**، وهو نوع من الإرهاق النفسي الذي يحدث دون وعي، نتيجة التفاعل مع أشخاص يمتلكون نمطًا تواصليًا يُرهق الجهاز العصبي دون أن يكون واضحًا أو متعمدًا.

أحيانًا، لا يكون الطرف الآخر سلبيًا بشكل مباشر، لكنه يمارس سلوكيات مثل: المقاطعة المستمرة، الشكوى المتكررة، الحديث عن مواضيع مثقلة، أو التحدث بنبرة تحمل توترًا مستمرًا. هذه التفاصيل الصغيرة تُجهد العقل وتُجبره على البقاء في حالة يقظة وتأهب، مما يؤدي إلى شعور بالتعب في نهاية المحادثة.

ويفسر علم النفس هذه الحالة بأن العقل – خلال التواصل – لا يركز فقط على الكلمات، بل يحاول فك شيفرات لغة الجسد، ونبرة الصوت، والإشارات العاطفية الخفية. فإذا كانت الإشارات متناقضة أو مرهقة، يبذل الدماغ جهدًا مضاعفًا لمعالجتها، وهو ما يُسبب **إرهاقًا حقيقيًا**، حتى لو لم يكن الحوار في ظاهره مزعجًا.

واللافت أن هذا النوع من الإرهاق لا يقتصر فقط على اللقاءات الواقعية، بل يمكن أن يحدث أيضًا عبر الهاتف، أو حتى من خلال الرسائل المكتوبة. قراءة رسالة طويلة مليئة بالشكاوى أو السلبية، قد تستنزف طاقتك أيضًا، خاصة إذا شعرت بالذنب أو المسؤولية حيال الطرف الآخر.

ولهذا السبب ينصح بعض المختصين بتعلّم ما يُسمى بـ **"الحدود النفسية الهادئة"**، وهي قدرة الشخص على التفاعل بلطف، لكن دون الانخراط العاطفي الكامل في كل محادثة أو علاقة. فالموازنة بين التعاطف وحماية الذات مهارة ضرورية للحفاظ على الصحة النفسية.

بعض الناس بطبعهم يمتصون الطاقة من حولهم، وأنت لست مضطرًا دائمًا لحمل هموم الآخرين، خصوصًا عندما تؤثر على حالتك المزاجية. تعلم أن تلاحظ إشارات جسدك بعد كل تفاعل: هل تشعر بالخفة أم بالثقل؟ هل ترتاح أم تتوتر؟ هذه المؤشرات وحدها كافية لتُخبرك إن كان الوقت قد حان لتُعيد ترتيب محيطك الاجتماعي.

### 💡 **الخلاصة:**

شعورك بالتعب بعد محادثة "عادية" ليس مبالغة، بل علامة نفسية حقيقية على أن جهازك العصبي قد استُهلك دون وعي. الوعي بهذه الإشارات، ووضع حدود واضحة، قد يكون أهم قرار تحمي به طاقتك النفسية.