التعلّق العاطفي بين الاحتياج والضعف

التعلّق العاطفي بين الاحتياج والضعف

0 reviews

اولاً_⁠⁠⁠⁠⁠⁠⁠المقدمه:

 في لحظةٍ ما من حياتنا، قد نلتقي بشخصٍ يجعلنا نشعر وكأن الحياة لا تُطاق من دونه.

نشعر أنّ صوته يطمئننا، وجوده يملأنا دفئًا، وأن غيابه يُشبه فقدان النفس.

لكننا، في الحقيقة، لا نكون في حالة حبّ حقيقية… بل نكون في حالة تعلّق.

وهناك فرقٌ شاسعٌ بين الحبّ والتعلّق، فرقٌ قد يكلفنا أرواحنا إن لم ننتبه له في الوقت المناسب.

 

 

 

---

ثانياً_ أسباب التعلّق المرضي:

 

 

> كثيرًا ما نتعلّق بالآخرين تعلقًا مَرَضيًّا لأننا ببساطة نبحث عن الحب،

نشتهي الاهتمام، نُفتّش عن كلمةٍ تُرمّم ما تهدّم بداخلنا.

وربما نشأنا على جلد الذات، على تقديم الآخرين قبل أنفسنا، على البحث الدائم عن رضاهم ولو على حساب قلوبنا.

وحين يظهر شخص يُشبه البلسم وسط الجراح، يمنحنا القليل من الدفء، نتشبث به بكل ما نملك،

نراه الأمان الذي طالما افتقدناه، فنتعلق به كأننا نغرق ونراه خشبة النجاة الوحيدة.

 

 

 

 

---

 

ثالثاً_ رد فعل الطرف الآخر واستغلال التعلّق:

 

> المشكلة تبدأ حين يُدرك الطرف الآخر مدى تعلّقنا به،

فيبدأ في استخدام هذا التعلّق كسلاح، لا كمسؤولية.

يتجاهلنا… فنعذره،

يخطئ في حقنا… فنبرر له،

يتلاعب بمشاعرنا… فنغضّ الطرف ونقول: "هو فقط يمرّ بظروف صعبة."

 

شيئًا فشيئًا، يُصبح وجوده عبئًا،

يُصبح الحزن رفيقًا دائمًا لنا،

لكننا رغم ذلك لا نُفكر في الابتعاد،

لأننا ببساطة لم نعد نراه "شخصًا"، بل "كلّ شيء".

وهذا التعلّق يُفقدنا هويتنا، يُضعفنا، ويجعلنا أسرى في علاقة غير متكافئة.

 

 

 

 

---

 

رابعاً_ إدراك المشكلة: بداية التعافي:

 

> أولى خطوات النجاة هي الإدراك.

أن نتوقّف ونُراجع أنفسنا، أن نسأل:

"هل أنا أحبّه؟ أم أنّني فقط أخاف من فقده؟"

 

هل أعيش حياتي بشكل طبيعي؟

أم أنني لا أجد طعماً لأي شيء في غيابه؟

 

الإدراك لا يعني القسوة على النفس، بل هو اعتراف بالحقيقة.

لأن التعلّق المرضي لا يعني أننا سيئون… بل يعني أننا جُرحنا كثيرًا، وأخطأنا في الطريق إلى الشفاء.

ولكن يمكننا أن نُعيد ترتيب أولوياتنا… أن نتعلّم كيف نحبّ أنفسنا أولًا، قبل أن نطلب الحب من الآخرين.

 

 

 

 

---

 

خامساً_ النجاة من التعلّق المرضي:

 

> النجاة تبدأ من الداخل.

أن نُعيد بناء علاقتنا بأنفسنا،

أن نمنح ذواتنا ما كنا نظن أننا لا نستحقّه إلا من خلال الآخرين:

الحب، الاهتمام، الرعاية، الأمان.

 

خصصي وقتًا لكِ وحدكِ.

 

اكتبي مشاعرك، افهميها، واجهيها.

 

عودي لهواياتكِ، لأصدقائكِ، لأهلكِ.

 

لا تخافي من البُعد، فالابتعاد أحيانًا شفاء.

 

 

ومن الأفضل أن نلجأ إلى مختصّ نفسي حين نشعر أننا عالقون في دائرة يصعب الخروج منها.

لأن العلاج ليس ضعفًا، بل شجاعة.

 

 

 

 

---

 

سادساً_ الخاتمة:

 

> التعلّق ليس حبًا، بل نداءٌ داخلي يطلب إنقاذًا.

 

الحبّ الحقيقي لا يُفقدنا أنفسنا، بل يساعدنا على اكتشافها.

الحبّ لا يُضعفنا، بل يقوّينا.

فإن وجدتِ نفسكِ تتألمين باستمرار،

إن كنتِ تهربين من واقعكِ بالتمسّك بشخص لا يمنحكِ سوى الفتات،

فتوقفي… واسألي نفسكِ:

 

"هل أستحق هذا؟"

 

الإجابة دائمًا: لا.

أنتِ تستحقين أكثر… وتستطيعين أن تنقذي نفسك، ولو بعد حين.

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

1

followings

1

followings

1

similar articles