
من الحمل إلى الرضاعة: الاضطرابات النفسية التي قد تواجه الام
الاضطرابات االنفسية التي تتعرض لها الأم خلال مرحلتي الحمل والرضاعة
تعد مرحلتي الحمل والرضاعة من أكثر المراحل الحساسة في حياة المرأة، حيث تتعرض الي العديد من التغيرات الجسدية والهرمونية والنفسية خلالها؛ فالكثير من الامهات يعانين من اضطرابات نفسية بدرجات متفاوته قد تؤثر علي جودة حياتهم، وعلاقاتهن بأطفالهن، وحتى علي نمو الاطفال النفسي والمعرفي. ومن هنا يأتي أهمية الوعي بهذه الاضطرابات وكيفية التعامل معها..
أولا: الاضطرابات النفسية خلال فترة الحمل
خلال فترة الحمل يحدث عند الام مزيج من مشاعر الفرح والقلق وما قد يؤدى الي حدوث اضطرابات عدة مثل:
- إكتئاب الحمل: تشير الدراسات إلي ما يقرب حوالى 10-20% من النساء الحوامل يعانين من أعراض اكتئابية.
تتمثل هذه الأعراض فى الحزن المستمر، فقدان الشهية، فقدان الاهتمام بالأنشطة اليومية، اضطرابات النوم، بالإضافة الي الشعور بالذنب أو القلق المفرط بشأن الجنين أو الولادة.
2.اضطرابات القلق: قد يزيد القلق عند بعض الحوامل بشكل غير طبيعي، ويتحول إلي قلق مرضي يتمثل في توتر دائم، أفكار سلبية متكررة، ونوبات هلع أحيانا.
قد يكون هذا القلق مرتبطا بالخوف من فقدان الحمل أو من مضاعفات الولادة.
3.الوسواس القهرى المرتبط بالحمل: بعض النساء يقومون بأعمال قهرية تتعلق بنظافة البيئة أو سلامة الجنين، مما يدفعهم الي سلوكيات متكررة كالغسيل المفرط أو الفحص المستمر مما ييزيد من مستوى التوتر النفسي لهن.
ثانيا: الاضطرابات النفسية بعد الولادة
بعد الولادة تستمر التغيرات الهرمونية ويستمر الضغط النفسي نتيجة المسؤليات الجديدة، مما يجعل الأم عرضة لعدة اضطرابات منها:
- اكتئاب ما بعد الولادة: يعتبر من أكثر الاضطرابات شيوعا، حيث تعاني ما يقارب 15% من الامهات أعراضه.
يتمثل في حزن عميق، فقدان الطاقة، انعدام المتعة، صعوبة الارتباط بالرضيع، وأحيانا أفكار سلبية تجاه النفس والطفل.
وقد يؤثر هذا الاضطراب بشكل مباشر علي علاقة الام بالطفل وعلي جودة الرضاعة الطبيعية.
2.القلق واضطراب ما بعد الصدمة: الكثير من الامهات يعانين من قلق شديد علي صحة الطفل وقدرتهن علي رعايته.
وفي حالة كانت تجربة الحياة صعبة او مؤلمة، قد تتطور الأعراض إلي اضطراب ما بعد الصدمة، حيث تلاحق الام ذكريات مؤلمة ومخاوف متكررة.
3.ذهان ما بعد الولادة: رغم ندرته ( يحدث بنسبة 1-2 لكل 1000 ولادة)، الا انه أخطر الاضطرابات النفسية المرتبطة بالرضاعة.
تظهر أعراضه علي شكل هلاوس، أوهام، أو سلوكيات غير واقعية، مما يستدعي التدخل الطبى العاجل للحفاظ علي سلامة الام والطفل.
ثالثا: العوامل المساهمة فى ظهور الاضطرابات
- التغيرات الهرمونية السريعة بعد الولادة
- التاريخ السابق للاضطرابات النفسية
- غياب الدعم الاسري او الزوجي
- الضغوط الاقتصادية والاجتماعية
- قلة النوم والارهاق الجسدى الناتج عن رعاية الام للرضيع
رابعا: طرق الوقاية والعلاج
- الدعم النفسي والاجتماعى: وجود شبكة داعمة من الاهل والاصدقاء يقلل من حدة التوتر
- الاستشارة الطبية المبكرة: مراجعة الطبيب أو الاخصائى النفسي عند ظهور الاعراض يسرع من التدخل وتلقي العلاج
- العلاج الدوائى والسلوكى: قد يصف الطبيب بعض الادوية الآمنة خلال الحمل والرضاعة، إلي جانب جلسات العلاج السلوكى المعرفي.
- العناية الذاتية: الحرص علي النوم الكافي، ممارسة أنشطة الاسترخاء، والتغذية الصحية تتساهم في تحسين الصحة النفسية.
في الختام
الاضطرابات النفسية خلال الحمل والرضاعة ليست دليلاً على ضعف الأم، بل هي انعكاس طبيعي للتغيرات العميقة التي تمر بها. التوعية والاعتراف بهذه المشكلات يمثلان الخطوة الأولى نحو العلاج والوقاية، ويضمنان للأم والطفل حياة أكثر استقراراً وصحة. لذا، من الضروري أن تحظى الأمهات بالدعم والرعاية الشاملة خلال هذه المرحلة الحساسة.