تحمل المسئولية ليس خطأ ولكن الخطأ  هو الاهتمام و الدلال المفرط

تحمل المسئولية ليس خطأ ولكن الخطأ هو الاهتمام و الدلال المفرط

0 المراجعات

يستطيع الإنسان ان يتخلص من حساسيته إزاء النقد والضغوط إذا صارع الحياة وصارعته وبدأ في تحمل المسئوليات منذ صغره، فتربية النفس على تحمل مسئولية أخطائها ومواجهة عواقب أفعالها من أعظم ما قد تعلمه الحياة للإنسان. 

 

تحمل المسئولية وبناء الثقة في النفس تبدأ من الصغر، وهناك العديد من المختصين بعلم النفس الأهالي الذين يربون أولادهم هذه الأيام على مخاطر أقل، ولا يسمحون لهم بقيادة الدرجات وحدهم، أو اللعب في الساحات المفتوحة بحرية، أو إطلاقهم في الشارع يخوضون تجاربهم بإشراف من الأهل، ولا يرون أن الإحاطة بأبنائهم وبناتهم بهذا الكم من الرعاية الزائدة عن الحد أمرًا مفيدًا. 

ففي كتاب (أمة من الضعفاء) قالت هارا مارانو (الاهتمام الزائد عن الحد يؤثر في الأطفال ويجعلهم أكثر هشاشة).  

 

لكن هل يمكن لضغوطات الحياة فعلا أن تقوينا؟  

هل الألم يجعلنا أناسًا أفضل؟ 

هل المشاكل يمكنها أن تقود نفسياتنا إلى الأحسن؟ 

 

هناك قصية عجيبة عن هذا الموضوع، ولكن سأجعلها في مقال منفرد يجاوب على هذه الأسئلة. 

 

لكن الآن سأتكلم عن السلف وكيف كانوا يتعاملون مع الأطفال 

 فكان أكثر السلف يذمون الكسل والضعف والفراغ، وكل ما يؤثر على مرونتنا النفسية، ويحبون أن يتعلم الأطفال من صغرهم على ما يعينهم على فهم طبيعة الحياة وتحمل مسئولياتها كما كان النبي يحرص على تعليم الصبيان الثقة في النفس، وتربيتهم على تحمل المسئولية والطاعة، وعدم إفشاء الأسرار. 

وكان سيدنا عمر بن الخطاب يقول: (علموا أولادك السباحة والرماية وركوب الخيل) 

وكان سيدنا خالد بن الوليد يقول: (أمرنا أن نعلم أولادنا الرمي والقرآن) 

 

عالجت الشريعة هذه المسألة- الهشاشة - بالحث على تهذيب النفس ومخالفة هواها، وعدم تلبية دعوتها  إلى الراحة والرفاهية.  

 

وقد روى الترمذي أن رسول الله قال: (لا يكن أحدكم إمعة، يقول: أنا مع الناس، إن أحسن الناس أحسنت  وإن أساءوا أسأت... ولكن وطنوا أنفسكم، إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساءوا ألا تظلموا). فتوطين النفس وتهذيبها وتدريبها من المقاصد الشرعية الأساسية في الدين الإسلامي. 

 

وفي المقابل، فإن التقصير في الواجبات أو التفريط في المسئوليات هو من العجز المذموم الذي نهى الله عنه.. فعندما اختصم رجلان وتحاكما إلى النبي فقضى لأحدها وكان الآخر مهدورا حقه لكنه لا يملك دليل لأحقيته بالحكم، قال هذا الرجل وهو خارج من المسجد: حسبنا الله ونعم الوكيل، فاستدعاه النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: (إن الله يلوم على العجز، ولكن عليك بالكيس، فإذا غلبك أمر فقل: حسبي الله ونعم الوكيل). 

 

فلام النبي الرجل على تقصيره، وعلى ضعفه، وقال إن عجزه هاهنا ليس من باب العجز القدري الذي استنفد فيه الأسباب، ثم غلبته الظروف، ولكنه كان تقصيرا منه لعدم تدوينه لحقه وتهاونه في تسجيل ما له وما عليه. 

 

فالمرء مكلف بتعبئة قواه كلها لمغالبة مشاكله حتى تنزاح من طريقه فإن ذللها حتى استكانت له فقد أدى واجبه. وإن غلب على أمره أمامها بعد بذل جهده كان ركونه إلى عندئذ معاذا يعتصم به من غوائل الانكسار، فهو على الحالين قوي، بعمله أولا وبتوكله آخرا.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

8

متابعين

1

متابعهم

2

مقالات مشابة