الشخصية المتسلطة - مفهومها وأفضل طرق التعامل معها وتجنب آثارها السلبية

الشخصية المتسلطة - مفهومها وأفضل طرق التعامل معها وتجنب آثارها السلبية

0 reviews

من منا لم يختبر التعامل مع واحدة أو أكثر من الشخصيات المتسلطة، التي يكثر وجودها في مجتمعاتنا؟ حيث يمكن أن تكون هذه الشخصيات أحد الوالدين، أو المعلم في المدرسة، أو المدير في العمل، أو شريك الحياة، أو حتى قد تكون واحدا من الأصدقاء. 

فالشخصية المتسلطة هي شخصية تحاول بسط سيطرتها على الآخرين من حولها أو بعضهم، وفرض طريقتها في التفكيرعليهم، أو أسلوب حياتها ووجهات نظرها واختياراتها، سواء في العمل أو الدراسة أو الحياة الاجتماعية.

وحين يتوفر للشخصية المتسلطة شيئا من السلطة فإن تأثيرها يكون أكبر، وتسلطها يكون أكثر شدة، كأن تكون الشخصية المتسلطة مديرا في العمل، أو ذات منصب أو مال أو نفوذ يجعلها مرهوبة أو مرغوبة، أو أن تكون لها سلطة أبوية أو اجتماعية أو غيرها، فهذا مما يجعل التعامل معها صعبا، ويزيد من صعوبة تجنبها أيضا.

قد يدور في مخيلة البعض أن الشخصية المتسلطه هي شخصية شبيهة بشخصية هتلر أو موسوليني أو ستالين، الذين اشتهروا بالقسوة والبطش، لكن الأمر أكثر اتساعا من ذلك بكثير، فالشخصيات المتسلطة واسعة الانتشار ومتعددة الأشكال والوجوه والمستويات، ومتواجدة في معظم المواقع، وليس في ميدان السياسة فحسب. 

فهناك المدير المتسلط في العمل، وهناك الزوج أو الزوجة المتسلط في المنزل، وهناك الصديقة أو الصديق المتسلط في العلاقات الاجتماعية. وقد لا يقتصر التسلط على مظاهر البطش والتنمر، وإنما يمتد ليشمل التدخل الغير مرغوب فيه في شؤون الآخرين وقراراتهم، أو النقد المبالغ فيه لأخطائهم ونقاط ضعفهم، وتجاهل ايجابياتهم، أو التقليل من أهمية آرائهم أو حتى من أهميتهم هم أنفسهم. 

 

فالسلوكيات التسلطية تظهر بأشكال كثيرة ومتنوعة، والقاسم المشترك بينها جميعا هو رغبة الشخصية المتسلطة في التحكم وبسط سيطرتها. 

صفات الشخصية المتسلطة 

تتميز الشخصية المتسلطة بالعديد من الصفات، من أبرزها:

  1.  الرغبة الزائدة في بسط سيطرتها على الآخرين.
  2.  قلة تفهمها لمشاعر الآخرين واحتياجاتهم. 
  3.  إظهار سلوكيات استبدادية تتجاوز حدود الاحترام والتعاون.
  4.  قلة الانفتاح على آراء الآخرين، وعدم الاستماع لهم أو الاعتراف بأفكارهم. 
  5.  حاجتهم المستمرة للمديح والثناء والتقدير، واعتراف الآخرين بهم بشكل مستمر.
  6.  عدم التسامح مع رفض آرائهم ومقترحاتهم، وعدم القبول بالآراء المخالفة.

الفرق بين الشخصية المتسلطة والشخصية القوية 

قد يلتبس أمر التفريق بين الشخصية المتسلطة والشخصية القوية على الكثيرين، فيبدوان كأنهما شيء واحد، إلا أن الفارق بينهما كبير جدا، والمسافة التي تفصل بينهما بعيدة جدا، فالشخصية المتسلطة يميزها:

  • الميل إلى الشعور بالأهمية الزائدة والمبالغ فيها.
  • الميل إلى حب السيطرة. 
  • الميل إلى الجدال.
  • عدم احترام آراء الآخرين والتقليل من أهميتها.
  • استخدام أساليب غير أخلاقية للسيطرة، كالتهديد والابتزاز والتقليل من شأن الآخرين.

في حين أن الشخصية القوية تتميز ب:

  • ميلها إلى الثقة بالنفس.
  • قدرتها على الاستماع للآخرين واحترام آرائهم. 
  • القدرة على اتخاذ القرارات وتحمل المسؤولية عنها.
  • القدرة على مواجهة التحديات وحل المشكلات. 
  • المرونة في التعامل والاعتدال في التفكير.
  • الميل إلى الاقناع بدل فرض السيطرة. 

كما يمكن التفريق بين الشخصيتين من خلال 

  • الدافع: حيث أن الدافع الأساسي للشخصية المتسلطة هو السيطرة على الآخرين، بينما الدافع الرئيسي للشخصية القوية هو تحقيقها لأهدافها وتطويرها لذاتها.
  • السلوك: حيث تميل الشخصية المتسلطة إلى استخدام الأساليب والوسائل الغير أخلاقية لبسط سيطرتها، في حين تميل الشخصية القوية إلى استخدام الأساليب الأخلاقية والمشروعة في تحقيق أهدافها، كالإقناع والتفاوض والتعاون.

العلاقات: حيث يميل الشخص المتسلط إلى بناء علاقات مبنية على الخوف والتهديد، بينما يميل الشخص القوي إلى بناء علاقات متينة، على أساس الثقة والاحترام المتبادل. 

كيفية التعامل مع الشخصية المتسلطة بفعالية:

1_ ضع حدودا: ضع حدودا واضحة للتعامل مع مثل هذه الشخصيات، ولا تترد في التعبير عن احترامك لنفسك والتأكيد عليه. 

2_ التواصل الفعال: ابتعد عن التصعيد والتأزيم، واستخدم التواصل الفعال للتعبير عن مشاعرك وآرائك واحتياجاتك بوضوح وثقة. 

3_ الاستماع الفعال: حاول الاستماع جيدا لفهم آراء الشخص المتسلط في جوانبها المختلفة، لإيجاد أوجه يمكن التفاهم حولها.

4_ احتفظ بهدوئك: تجنب الانخراط في الجدال والتصعيد، وحاول الحفاظ على هدوئك وثباتك واتزانك.

5_ تعامل بلباقة: حافظ على التعامل بلباقة واحترام حتى في المواقف التي قد تشهد توترا.

6_ اعمل على تعزيز ثقتك بنفسك: قوي ثقتك بنفسك لتكون أكثر قدرة على التعامل بفعالية مع مثل هؤلاء الأشخاص.

7_ تجنب الدخول في مواجهة علنية: تجنب الدخول في مواجهات، خصوصا في حال عدم الضرورة لها، واختيار لغة الحوار الهادئ المتزن سيكون خيارك الأفضل دائما.

8_ تجنب الإعتذار والتبرير: فالاعتذار أو محاولة تبرير النفس أمام الشخص المتسلط يمكن أن يعطيه شعورا بالسيطرة، ويشجعه على المزيد منه.

الأسباب المؤدية لتكوين الشخصية المتسلطة 

تتكون الشخصية المتسلطة نتيجة تأثرها بعدة عوامل، ومن بين الأسباب الشائعة التي قد تلعب دورا في تكوينها:

  • التجارب السلبية في فترة الطفولة: قد تلعب التجارب السلبية في فترة الطفولة دورا مهما في تكوين الشخصية المتسلطة، مثل التربية الصارمة ونقص الدعم.
  • الافتقار للشعور بالأمان النفسي: حيث أن عدم الشعور بالأمان النفسي قد يجعل الشخص يتجه نحو محاولة فرض السيطرة والتحكم، لتفادي الظهور بمظاهر الضعف أو الهشاشة.
  • الخوف من فقدان السيطرة: وذلك نتيجة لتجارب سابقة يمكن أن يكون تعرض لها الشخص المتسلط، تجعله يخشى من فقد السيطرة، وتدفعه إلى استخدامها بشكل مبالغ فيه.
  • الافتقار لوجود مهارات التواصل الفعّال: عدم امتلاك وتطوير مهارات التواصل الفعّال قد يؤدي إلى استخدام أساليب تسلطية في التعامل مع الآخرين.
  • الاضطرابات النفسية: إن بعض الاضطرابات النفسية قد تؤدي أيضا إلى تكوين سلوك تسلطي، مثل اضطراب الشخصية الحدية.

 

التأثيرات السلبية لعلاقة الشخصية المتسلطة مع الآخرين 

من المؤكد أن يكون للشخصية المتسلطة تأثيراتها السلبية الكثيرة في علاقاتها بالآخرين، وقد يكون من أبرز هذه التأثيرات:

قلة التعاون: حيث يكون من الصعب التعاون مع الشخص المتسلط، كونه يفضل التسلط وبسط السيطرة على التعاون المشترك مع الآخرين.

انعدام وجود التواصل الفعال: حيث أن افتقار الشخصيه المتسلطة لمهارات التواصل الفعال يؤدي إلى صعوبة فهم أو تفهم مشاعر الآخرين واحتياجاتهم. 

قطيعة العلاقات: قد تؤدي بعض التصرفات التسلطية إلى إحداث قطيعة في العلاقات الاجتماعية في أحيان كثيرة، نتيجة لعدم قدرة الأشخاص الآخرين على تقبلها أو احتمالها.

عدم الارتياح: حيث سيشعر الآخرون بعدم الارتياح في التعامل مع الشخصية المتسلطة، مما سيؤثر حتما على جودة هذه العلاقات وقدرتها على الاستمرار.

فقدان الثقة: قد يؤدي السلوك المتسلط إلى جعل الآخرين يفقدون الثقة بصاحبه، ويميلون إلى تجنب التعامل معه. 

مظاهر السلوك التسلطي في الحياة اليومية وفي العلاقات الشخصية

  • التدخل غير المرغوب فيه في قرارات الآخرين واختياراتهم دون سؤالهم أو احترام رغباتهم.
  • إظهار الرغبة في التحكم في الأمور والقرارات، دون مراعاة لآراء الآخرين ومشاعرهم أو الاكترث بها.
  • تجاهل آراء الآخرين وأفكارهم، واعتبار رأيه هو الرأي الوحيد الصحيح والجدير بالاهتمام.
  • تقدير الذات المبالغ فيه، والضغط على الآخرين للإقرار به وتأكيده بشكل مستمر.
  • الاستخدام السلبي للنقد بشكل مستمر، مع تجاهل متعمد للايجابيات الموجودة لدى الآخرين أوالتقليل من أهميتها.
  • التجاهل المستمر والمقصود لرغبات الآخرين واحتياجاتهم، والتركيز فقط على ما يخدم الشخصية المتسلطة ويتوافق مع رغباتها.

الخاتمة 

إن التعامل مع الشخصيات المتسلطة أمر بالغ الصعوبة، ويتطلب الكثير من الصبر والمرونة والثقة بالنفس للتعامل معها بفعالية، ويزداد الأمر صعوبة إذا كان الشخص المتسلط في موقع السلطة أو المسؤولية، حيث قد يشعر الشخص الآخر بالخوف أو التهديد، مما يؤدي به إلى الخضوع والاستسلام أو المواجهة والصراع. 

لكنه وفي كل الأحوال فإن التحلي بالهدوء والمرونة والثقة بالنفس، والتعبير عنها بوضوح وثقة، وعدم اللجوء للاعتذار وتبرير نفسه للشخص المتسلط، والاعتقاد أنه ليس مخطئا وأن لديه كامل الحق في الدفاع عن نفسه وعن حقوقه، سيكون من أفضل الوسائل للتعامل مع الشخصية المتسلطة.

 وفي بعض الأحيان سيكون تجنب التعامل مع الشخصية المتسلطة ما أمكن خيارا ضروريا، إذا كان يتسبب في أضرار جسدية أو نفسية محسوسة.

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by

articles

2

followers

1

followings

1

similar articles