ماذا عن أسرار العلاج بالإبر الصينية؟
مهما تقدم العلم يبقى للعلاج بالأدوية والعقاقير الطبية آثارها الجانبية، لذلك فكّر العلماء في طُرق أخرى لتخفيف الألم وإطالة مدة راحة المريض، ومساعدة ممن تمنعهم حالاتهم الصحية من تناول المسكنات، فلجؤوا إلى ما يسمى بالطب البديل والعلاج بالإبر الصينية.
ماهي الإبر الصينية ومن هم أول من استخدمها؟
الإبر الصينية هي إبر رفيعة جداً تُغرز في أماكن معيّنة من الجسم يمكنها أن تؤثر على العضو الذي توجد به المشكلة وتعمل على التخفيف من الألم لفترات طويلة.
الصينيون القدماء هم أول من استخدم الإبر في العلاج منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد وكانت تُصنع آنذاك من عِظام الحيوانات، ثم تطورت إلى الإبر المعروفة حالياً.
يعتقد الصينيون أن توازن الحياة في هذا العالم، عبارة عن علاقة بين سالب وموجب · فهناك الليل والنهار، داخل وخارج، ذكر وأنثى، فالذكر يُرمز له بالموجب (يانغ) ، والأنثى يُرمز لها ب(ين)، وهذا ينطبق أيضاً على الجسم البشري فحين تعتري هذه العلاقة مشكلة ما تكون هناك حالة مرضية، يُمكنُ معالجتها بالتأثير على مناطق الطاقة الموزّعة في أماكن معينة من الجسم من خلال الوخز بالإبر، وقد كان عدد نقاط الطاقة في بداياته محدوداً لكنه ازداد كثيراً مع تطور العلاج.
آلية العلاج بالإبر الصينية:
تمتاز النقاط التي تغرز فيها الإبر الصينية بوجود نهايات عصبية وشُعيرات دموية وخلايا قادرة على إفراز مواد ومركّبات يمكنها أن تُعيد التوازن للجسم، مثل :الأندروفين والهستامين، والسيروتونين والاستيل كولين وغيرها، وتتوزع هذه النقاط في جميع أنحاء الجسم، أهمها نقاط الوجه والظهر والقدمين وكفي اليدين، وليس بالضرورة أن تتوضع النقاط في مكان الألم، بل يمكن أن تكون بعيدةً جداً عنه لكنها تتحكم به وتؤثر فيه.
يقوم المُعالج بالإبر أولاً بسؤال المريض عن الأعراض التي يُعاني منها وعن أسلوب حياته عموماً مع فحص مكان الألم، واختبار قوة النبض، ويلقي نظرةً على الوجه والعينين، ثم يبدأ بإدخال إبر رفيعة لا تُسبب أي ألم أو إزعاج في مناطق يُحددها، ويمكن أن يُحرك الإبر أو يزيد عليها الحرارة أو التيارات الكهربائية لزيادة فعاليتها، وتبقى الإبر مغروزةً لمدة تتراوح بين 10-20 دقيقة، ليقوم بعد ذلك بإزالتها، دون أن يشعر المريض بأي ألم، وتستغرق الجلسة الأولى للعلاج مع التقييم مدة ساعة، ليُتابع المريض بعدها جلسات العلاج لأسابيع متتالية، قد تطول وتقصر بحسب المشكلة أو المرض الذي يُعاني منه.
الأمراض التي تُعالجها الإبر الصينية ومضادات الاستطباب :
تُستعمل الإبر الصينية في التخفيف من الآلام والاستغناء عن المسكّنات في علاج آلام العمود الفقري والديسك والتهاب العصب الوركي ( عرق النسا)، وآلام المفاصل وتشنّج العضلات، كذلك في علاج الصداع والشقيقة، و التهاب الجيوب الأنفية، والتهاب الأنف التحسسي والربو، وللتخفيف من الغثيان والقيء أثناء الحمل، وللحد من آلام المخاض أو الولادة دون ألم، وتستعمل للمساعدة في علاج الإدمان والإقلاع عن التدخين، وفي التخفيف من الوزن من خلال التأثير على الشهية وحركة الأمعاء وتحسين الحالة المزاجية، فتحدّ من تناول الطعام الناجم عن القلق والتوتّر، كما تستخدم الإبر الصينية في علاج القرحة المعدية وارتفاع ضغط الدم، وآلام الأسنان، وأثبتت فعاليتها أيضاً في علاج الأمراض النفسية مثل: التوتر والقلق والاكتئاب، لكن في أمراض الفصام والهوس والأمراض الشديدة فلا يمكن استعمالها، وهي لا تُعالج أمراض الفشل العضوي مثل هبوط القلب والفشل الكلوي وتليف الكبد، أو الأمراض المعدية والطفيلية، أو مرض السكر، أو السرطان، أو الأمراض الناتجة عن خلل في الغدد، أو الأمراض التي تَحتاج إلى تدخل جراحي، كما لا يمكن استعمالها لدى المريض الذي يُعالج بمضادات تخثر الدم أو مريض الهيموفيليا.
ماهي محاسن استخدام الإبر الصينية وهل توجد لها آثار جانبية؟
يُمكن القول أن استعمال الإبر الصينية آمن إن أُجري بشكل صحيح ، كما يمكن دمجها مع علاجٍ آخر، وتُناسب الأِشخاص الذين لا يستطيعون تناول المسكّنات المعروفة، وتُفيد في تقليل فترة المرض، وتعزز من صفاء النفس والتركيز العقلي.
أما الآثار الجانبية ففي حالات نادرة ربما تتسببُ في نزيف أو تورم مكان غرزها، وربما شعر المريض بعد الجلسة بدوار أو عانى من إقياء.
نصائح عامة أثناء تلقي العلاج:
- يُفضل الابتعاد عن تناول الوجبات الدسمة قبل وبعد جلسة العلاج مباشرة.
- عدم القيام بمجهود عضلي كبير لمدة ست ساعات بعد الجلسة.
- أخذ قسطٍ من الراحة بعد الجلسة ،خصوصاً من الأعمال التي تحتاج إلى تركيز ذهني.
- إذا كان المريض يُعالج بالأدوية، فيجب عليه الاستمرار بأخذ علاجه الدوائي إلى جانب التداوي بالإبر .
- يُفضّل أن يقوم المريض بتسجيل تاريخ كل جلسة وما أحرزه فيها، وإطلاع المعالج عليها لمعرفة مدى تقدمه في الشفاء.
أخيراً و بالرغم تشكيك البعض، إلا أن العلاج بالإبر الصينية أثبتَ فعاليته في تعزيز العلاج بالعقاقير الطبية، وسَارع في شفاء الكثير من الحالات فترات زمنية قصيرة.