العلاقات السامة و آثارها و الإبتزاز العاطفي
يوم 23 غشت سنة 1937 و تحديدا في مدينة ’ستوكهولم' السويد ، حصل سطو مسلح على واحد من أكبر البنوك
قامت شرطة السويد بالتدخل، نتج عنه مناوشات بين الطرفين ، فأخذ المجرم جميع من تواجد في البنك من موظفين و عملاء كرهائن ، و بالفعل استمر وضع الرهائن لمدة 6 أيام بين الأسلحة و المتفجرات .
بعد كل هذه المعاناة ، يوم 28 غشت استطاعت الشرطة إنقاذ الموقف ، قبضت على المجرم و عادت الرهائن لمنازلها بسلام.
الغريب في الأمر، أن بعد القبض على المجرم و أثناء محاكمته لا أحد من الضحايا وافق على أن يدلي بشهادته في المحكمة بل و قامو بحملات جمع التبرعات للمجرم و ذلك ليستطيع توكيل محام ليدافع عنه.
استعانت الشرطة بطبيب نفسي لكي يفسر ما حدث ، سمى هذه الظاهرة العجيبة ب ‘متلازمة ستوكهولم ’ التي عرفت بعد ذلك ب ‘الترابط المصاحب للصدمة ’ و هي حالة نفسية يكوِن فيها الضحية مشاعر إيجابية تجاه المجرم و هي ليست حالة شاذة فقد نراها في حالات كثيرة أحيانا. بعد تعرض الضحايا لمستوى من الرعب و التهديد ، يحصل لهم ما يصفه بعض العلماء ب ‘الارتداد للطفولة ’ .
رؤيتهم لهذا المجرم على أنه مصدر للخير و الشر، الثواب و العقاب و هذا جعلهم يشعرون بالرضوخ التام و الأمان الذي يشعر به الأطفال تجاه أهاليهم و كذا أفعال آدمية بسيطة على سبيل المثال: أن المجرم يحضر للضحايا الأكل أو فقط يبقيهم على قيد الحياة ، كانت تجعل الضحايا يكونون مشاعر من الامتنان غريبة تجاه المجرم.
في هذه الواقعة كانت هنآك رهينة مصابة ب ما يسمى ‘الخوف من الأماكن الضيقة ’ كان يسمح المجرم للرهينة بالخروج من القبو شرط أن تكون مقيدة. بعد إنقاذ هذه السيدة ، قالت أن المجرم كان طيبًا جدا.
لو نظرنا للأمر من الناحية السيكولوجية سنرى أن هذا السلوك مرتبط ارتباطًا مباشرا بغريزة البقاء ، الغريزه الأساسية لجميع الكا الحية.
أي أن حاجة الضحية للبقاء على قيد الحياة أكبر بكثير من أن يكرة الشخص الذي يؤذيه و هذا على حسب بعض التفسيرات ، يجعل عقل الإنسان يدخل في آلية دفاعية ليهرب من حقيقة الواقع المؤلم و ليحمي نفسه من التوتر من الشيء الذي لا يستطيع تقبله.
و هذا ما يجعل الكثير من الناس عندما يمرون من الخوف يبدئون بالتصرف بش مخالف للواقع و يشعرون بأحاسيس معاكسة للمنطق
عقل الإنسان أثناء آلية الدفاع هذة يقن أن هذه الأحاسيس طبيعية جدا و أنه يمكن ان تكون هذه هي الطريقة الوحيدة التي ستضمن بقاءه على قيد الحياة. في كتاب ‘The Ego And The Mechanism Of Defence’ ‘القلق و آليات الدفاع ' للكاتبة Anna Freud كانت ترى أن هناك أنواع كثيرة من آليات الدفاع التي من الممكن أن يستخدمها الإنسان ، كالكبت و قمع الأفكار و المشاعر ، إنكار الواقع ….
في كثير من الأحيان يمكن للضحية أن يكتسب صفات المعتدي عليه و يصبح مثله،و يفسر بعض العلماء ذلك بأنه غالبا الضحية تحاول تفسير سبب الاعتداء عليها و عندما تفشل في إيجاد سبب منطقي لذلك ، تكتسب بلا وعي صفات المجرم الذي اعتدى علها اعتقادا أن عندما ستتوفر على هذه الصفات ، ستستطيع الهرب من الاعتداء و لن تتعرض له ثانية.
هذه الظاهره ليس لها تفسير علمي مؤكد و قد تحصل بسبب حوادث إجرامية و لكن هذا ليس السبب الوحيد بالعكس فهي منتشرة من حولنا و في حياتنا اليومية ، في العلاقات مثلا هناك ما يسمى ب ‘Abusive relationships ‘ العلاقات التي تؤذي أطرافها سواء هذا الأذى كان لفظي أو جسدي أو حتى تلاعب بالمشاعر . الشخص الذي يتعرض للأذى دائما ما يشعر بأنه في حاجة للمسيء له لاعتقاده أنه ضعيف و لن يستطيع مواجهة الحياة من دون الشخص الذي يسبب له الأذى لأنه أحيانا يمكن له أن يفكر أنه طالما هو يستطيع أن يؤذيني إذن فهو يستطيع كذلك أن يحميني ، و هذه الحالة معروفة ب ‘متلازمة المرأة المنتهكة’ لأنها غالبا ما تلاحظ عند النساء المعرضة للعنف الأسري لكنهم يرف الاعت بالضرر الذي وقع عليهم بل و يبررونه أيضا لاعتقادهم أن هذه هي الطريقة الوحيدة للتعايش. و ليس النساء فقط ، هناك أطفال يعانون كذلك من العنف الاسري ‘متلازمة الطفل المنتهك’ الطفل هنا يداف ع الشخص الذي يؤذيه من أي التهامات و ذلك لاحساسه الفطري أن هذا الأذى يصب في مصلحته.
يمكن أن احتمالية وجودك كرهينة في سرقة احد البنوك ليست عالية ، و لكن الوقوع في الابتزاز العاطفي و العلاقات المؤذية ليس هناك أسهل منه فأرجوك عزيزي القارئ، لا تعتقد أن كل أذى تتعرض له هو واقع لا مفر منه و أن هذا الأذى لمصلحتك.