صحتي النفسيه بخير
رحله في العمق النفسي النفسِ: حكايةُ الصحةِ النفسيةِ
يُعَدُّ جسمُ الإنسانِ مُعجِزةً حقيقيةً، مُتَكامِلًا في أجزائهِ، مُتَرابطًا في دَوَراتهِ، مُتحرّكًا بِحكمةِ خالِقهِ. فَكُلُّ جزءٍ فيهِ له وظيفتهُ المُحدَّدةُ، يُساهمُ في سلامةِ الكُلِّ. إلا أنّ هذا الكُلّ لا يَتَحَقَّقُ إلا بِصحةِ عَقْلِهِ، بِصحةِ نَفْسِهِ.
نعم، عزيزي القارئ، إنّ صحةَ النفسِ ليستْ مجردَ مفهومٍ مُجرَّدٍ، بل هيَ رِحلةٌ تُرافقُنا في كُلِّ لحظةٍ من حياتِنا. هيَ تلكَ الْعَقْلَةُ الواعيةُ التي تَسعى لِفَهمِ دوافعِنا، لِتَحليلِ مُشاعِرِنا، لِتَغْلِبِ صعوباتِنا. هيَ تلكَ النَّفْسُ التي تَتَطلّعُ لِلتَحَرُّرِ مِنْ قيودِ الخَوفِ وَالْيَأْسِ، لِتَحقيقِ طُموحِها، لِبِناءِ علاقاتٍ صحيّةٍ مع مُحيطِها.
لكِنْ أَيْنَ نَجِدُها هذهِ الصّحّةُ النّفْسِيةُ؟ أينَ نَجدُها في عالمٍ مُعَجَّلٍ، مُتَغيّرٍ، يُلقي بِمُتَطلّباتِهِ علينا، مُتَجاهلاً ما يُخبّئهُ عِمْقُ نَفْسِنا؟
هنا، يَتَجَلّى دورُ الوعيِ، دورُ الفَهمِ، دورُ الحُبِّ الّذي نَتَوجّهُ بهِ لِأَنْفُسِنا، لِمُحيطِنا.
نَحتاجُ لِتَعلّمِ مهاراتِ التّعامُلِ معِ الضّغوطِ، معِ التّحدّياتِ، معِ الْخُطواتِ السّلْبِيةِ الّتي تُرَاوِدُنا. نَحتاجُ لِتَطْويرِ مَهاراتِنا في التّواصلِ، في التّعبيرِ عنِ الرّأيِ، في التّصرّفِ بحَكَمةٍ في حالاتِ المُواجهةِ.
فَالصّحّةُ النّفْسِيةُ كَالصّحّةِ الجِسْمانيةِ، لا تَحْتاجُ لِحُلُولٍ سريعةٍ، بل لِرِعايَةٍ مُستَمرّةٍ، لِمُتابَعَةٍ دوريةٍ، لِتَخَلّصٍ مِنْ أَفْكارٍ سلبيةٍ، لِتَبنّيِ عَاداتٍ إيجابيةٍ.
وَتُعَدُّ الرياضةِ، واتّباعُ الأنِظامٍه الغذائيٍّه الصحيٍّه، و النوم لفترات كافيه وغير متقتعه، مِنْ أهمّ عَوامِلِ الدّعمِ لِصحةتكم النّفسِيه ، فَكُلُّها تُساهمُ في ، في تَخفيفِ شعورِنا بِالتّوترِ، في تَقويةِ عَقلِنا وَجِسْمِنا.
لا نُنسَى دورَ العائلةِ، أصدقائِنا، وَمُجتمعِنا في دَعمِنا، في تَقديمِ المشورةِ لنا، في بَثِّ الأملِ في قلوبِنا.
فَالصّحّةُ النّفْسِيةُ هيَ مَسؤوليتُنا الشّخصيةُ، هيَ هَدَفٌ نَسعى لِتَحقيقِهِ، هيَ مُسيرةٌ نَتَواصَلُ فيها معَ نَفْسِنا، معَ مُحيطِنا، معَ عالمِنا.
هيَ حَياةٌ مِلْؤها التّفاؤلُ، التّحدّي، الإيجابيةُ، والحُبُّ. هيَ رِحلةٌ في عُمقِ النّفسِ، نَحْنُ رُؤساءُهَا، مُصَمِّمُو حُلُولِها، مُخْتارُو مُستقبَلِها.
فَلا تَستَسْلِمْ لِلْيَأْسِ، وَلا تَقْبلْ بِالْحالةِ الّتي أنتَ عليها، فَأنتَ أَقْوى مِمّا تَظُنُّ، وَأنتَ قادرٌ على تَغْلِيبِ صُعوباتِكَ، على تَحقيقِ أَحْلامِكَ، على عيشِ حَياةٍ مُتَوازِنةٍ مُتَكامِلةٍ.
وَتَذَكّرْ دَائِمًا، أنّهُ هُناكَ مَنْ يُحِبّكَ، مَنْ يَدعَمُكَ، مَنْ يُشجّعُكَ، فَلا تَستَسْلِمْ لِعواصفِ النّفسِ، وَلا تَخْسِرْ ثِقَتَكَ بِالنّفسِ، فَأنتَ مُعجِزةٌ حقيقيةٌ تَستَحِقُّ أنْ تُعيشَ حَياةً جميلةً، مُتَوازِنةً، مُشْعّةً.