أسباب التوحد عند الأطفال: بين قلق الأهل وما تقوله الدراسات بصدق

أسباب التوحد عند الأطفال: بين قلق الأهل وما تقوله الدراسات بصدق

تقييم 5 من 5.
1 المراجعات

أسباب التوحد عند الأطفال: بين قلق الأهل وما تقوله الدراسات بصدق

عندما يسمع أي أب أو أم كلمة “التوحد”، غالبًا تنتابهم موجة من القلق والخوف. يبدأ العقل يفكّر في كل لحظة مرت خلال الحمل أو تربية الطفل، ويتردد سؤال مؤلم داخل القلب: “هل أنا السبب؟ هل كان ممكن أتجنب اللي حصل؟”.
والحقيقة التي قد تمنحك بعض الراحة هي أن التوحد حالة معقدة، ولا توجد إجابة واحدة قاطعة عن ما هي أسباب التوحد عند الأطفال. وليس للأم أو الأب أي ذنب فيها، ولا ترتبط بالتربية أو بعدم الاهتمام كما يعتقد البعض.

قبل أن نقترب من الأسباب، دعينا نتفق أن التوحد عند الأطفال هو حالة تؤثر على طريقة فهم الطفل للعالم من حوله، وتؤثر على قدرته على التواصل والتفاعل. تختلف حدتها من طفل لآخر، ولذلك يُطلق عليه “اضطراب طيف التوحد”، لأنه يشمل درجات واسعة من الأعراض والاحتياجات.

هل هناك سبب واحد وراء التوحد؟

من المهم أن نعرف أن العلماء حتى اليوم لم يتوصلوا لسبب محدد يمكن القول إنه المسؤول عن التوحد عند الأطفال، ولكن هناك مجموعة من العوامل التي يعتقد الباحثون أنها تلعب دورًا في ظهوره، وتتداخل مع بعضها بشكل معقد يبدأ عادة منذ مراحل الحمل الأولى.

العوامل الوراثية والجينات

تشير العديد من الدراسات إلى أن الجينات قد تلعب دورًا في التوحد. لاحظ العلماء أن احتمال ظهور التوحد يزيد قليلًا إذا كان هناك طفل آخر في العائلة مصاب به. لكن وجود هذا العامل لا يعني أبدًا أن الطفل سيصاب بالتوحد، بل يعني فقط أن الفرصة تزيد بشكل بسيط، مما يشير إلى احتمال وجود عنصر وراثي في الموضوع.

ظروف الحمل والولادة

هناك بعض الظروف الصحية التي قد تحدث خلال الحمل أو أثناء الولادة، وتم رصد علاقة محتملة بينها وبين اضطراب طيف التوحد. مثل الولادة المبكرة، أو انخفاض وزن الطفل عند الولادة، أو نقص الأكسجين أثناء الولادة، أو إصابة الأم بمشاكل مثل سكري الحمل أو تسمم الحمل.
ومع ذلك، هذه عوامل “محتملة” وليست مؤكدة، لذلك لا داعي لإلقاء اللوم على نفسك إذا مررتِ بإحداها.

التأثيرات البيئية

بعض الأمور في البيئة المحيطة بالأم أثناء الحمل ربما يكون لها تأثير على نمو الدماغ عند الطفل. على سبيل المثال، التعرض للتلوث الشديد، أو المواد الكيميائية الضارة، أو تناول أدوية بدون استشارة طبية. كما لفت الباحثون الانتباه في السنوات الأخيرة إلى دور فيتامين D لصحة تطور الجهاز العصبي.

الحالة الصحية والنفسية للأم أثناء الحمل

قد لا ننتبه لهذا الجانب رغم أهميته. التوتر الشديد والمستمر خلال الحمل، أو إصابة الأم ببعض العدوى أو الأمراض، قد تكون من بين العوامل التي تؤثر على نمو الطفل. كذلك سن الأم أو الأب عند الحمل إذا كان كبيرًا نسبيًا قد يرتبط بزيادة احتمال التوحد بشكل بسيط.
لكن التوتر الطبيعي الذي تمر به كل أم لا يسبب أبدًا التوحد، الحديث هنا عن الضغط القاسي والمزمن.

نمو الدماغ والجهاز العصبي

لاحظ العلماء وجود اختلافات في تركيب وتطور الدماغ لدى الأطفال المصابين بالتوحد، ويبدو أن هذه التغيرات تبدأ مبكرًا جدًا، ربما من مراحل الحمل الأولى. وهذا يفسر سبب ظهور العلامات الأولى في عمر صغير، غالبًا من عمر سنتين إلى ثلاث سنوات.

هل التطعيمات تسبب التوحد؟

من أكثر الأسئلة التي تثير خوف الأمهات هو الربط بين التطعيمات والتوحد. وهنا من المهم توضيح الحقيقة بوضوح تام: لا يوجد أي دليل علمي واحد موثوق يثبت أن اللقاحات تسبب التوحد. تمت دراسة هذا الموضوع لسنوات عديدة وعلى نطاق واسع جدًا، وكانت كل النتائج واضحة وصريحة بنفي هذا الاعتقاد تمامًا.

هل يمكن منع التوحد؟

حتى اليوم، لا توجد وسيلة مؤكدة للوقاية من التوحد عند الأطفال، لأن أسبابه ليست واضحة بشكل كامل. لكن هناك خطوات يمكنها دعم صحة الأم والجنين خلال الحمل مثل المتابعة الطبية المنتظمة، التغذية السليمة، الحصول على الفيتامينات الموصى بها، تجنب التدخين، وتخفيف الضغوط قدر الإمكان.

كلمة من القلب

إذا كان لديك طفل ظهرت عليه علامات التوحد، أو تم تشخيصه، فاسمحي لي أقول لك من القلب: لستِ السبب. طفلك ليس أقل من غيره، لكنه يحتاج أسلوب مختلف من الحب والاحتواء. التوحد ليس نهاية الطريق، بل بداية رحلة جديدة تحتاج صبرًا وتفهمًا.
كل طفل في الطيف لديه نقاط قوة تستحق أن تُكتشف، ومع التدخل المبكر والدعم الصحيح، يمكن أن يحقق الطفل تقدمًا رائعًا.

لا تقارنيه بغيره، قفي معه، افهميه، احتضنيه. فوجودك بجانبه هو أعظم علاج وأقوى دعم يمكن أن يحصل عليه.
 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
مها علي تقييم 5 من 5.
المقالات

3

متابعهم

1

متابعهم

1

مقالات مشابة
-
إشعار الخصوصية
تم رصد استخدام VPN/Proxy

يبدو أنك تستخدم VPN أو Proxy. لإظهار الإعلانات ودعم تجربة التصفح الكاملة، من فضلك قم بإيقاف الـVPN/Proxy ثم أعد تحميل الصفحة.