خلف السلوك المزعج: ما الذي يحاول الطفل قوله؟

خلف السلوك المزعج: ما الذي يحاول الطفل قوله؟

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

image about خلف السلوك المزعج: ما الذي يحاول الطفل قوله؟

حين يتحول السلوك إلى وسيلة ضغط نفسي

يلاحظ بعض الآباء والأمهات صدور سلوكيات مزعجة من أطفالهم أو من أبنائهم المراهقين، مثل: الصراخ المستمر، الإلحاح، البكاء الهستيري، ترك المسؤوليات، العزوف عن الطعام، التظاهر بالمرض، بل وقد يصل الأمر أحيانًا إلى إيذاء النفس.
هذه السلوكيات لا تكون في الغالب نابعة من سوء نية أو عنادٍ مقصود، بل تُعد وسائل ضغط نفسي يستخدمها الطفل أو المراهق للحصول على التعاطف أو لإشعار الأم بالتوتر والقلق، بهدف دفعها لتنفيذ رغبة معينة أو التراجع عن قرار ما.

 

 

ما أسباب هذه التصرفات؟

تتعدد الأسباب التي تقف خلف هذا النمط من السلوك، ومن أبرزها:

  1. عدم القدرة على التعبير عن المشاعر
    فالطفل – وأحيانًا المراهق – لا يمتلك اللغة النفسية التي تمكّنه من التعبير عن الغضب أو الحزن أو الخوف، فيلجأ إلى الجسد والسلوك بدلًا من الكلام.
  2. تعزيز السلوك من الأسرة دون وعي
    عندما يستجيب أحد الوالدين لهذا السلوك في كل مرة، يتعلم الطفل أن هذه الطريقة فعّالة، فيستمر عليها، وقد تتحول مع الوقت إلى نمط دائم.
  3. وجود احتياج نفسي غير مُشبع
    مثل الحاجة إلى الأمان، أو الاهتمام، أو التقدير، أو الشعور بالاحتواء، فإذا لم تُلبَّ هذه الاحتياجات بشكل صحيح، ظهرت بصورة سلوكيات غير سوية.
  4. عدم تعلّم تحمّل الإحباط
    بعض الأطفال والمراهقين لم يتعلموا تقبّل الرفض أو الانتظار، فتصبح كلمة “لا” سببًا لانهيار انفعالي حاد.
  5. التعلّق الزائد أو الأنانية لدى المراهق
    خاصة إذا شعر أن وجوده هو محور حياة الأم، وأنها لا تستطيع الاستغناء عنه، فيستخدم الضغط العاطفي للحفاظ على هذا الشعور.
  6. خلل في أسلوب التربية
    سواء كان ذلك ضعف شخصية الأم، أو على العكس، سيطرتها الشديدة، فكلا النمطين يؤدي إلى اضطرابات سلوكية عند الأبناء.
  7. غياب الحدود الواضحة والروتين الثابت
    فالطفل الذي يعيش بلا نظام أو قواعد محددة، لا يشعر بالأمان، ويعبّر عن هذا الاضطراب بسلوكيات ضاغطة.

 

تنبيه تربوي مهم
ليست كل هذه السلوكيات وسيلة ضغط متعمدة، فبعضها قد يكون مؤشرًا على اضطراب نفسي كالاكتئاب أو القلق، خاصة عند تكرار إيذاء النفس أو الامتناع الطويل عن الطعام. في هذه الحالات، لا يكفي التوجيه التربوي وحده، بل يلزم الاستعانة بمختص نفسي.

 

كيف يكون التعامل الصحيح؟

أول خطوة في العلاج هي البحث عن السبب الحقيقي للسلوك، لا الاكتفاء بمحاولة إيقافه. ثم يأتي التعامل التربوي السليم، والذي يشمل:

  1. احتواء مشاعر الطفل أو المراهق والاعتراف بها، دون الاستجابة للسلوك الخاطئ.
  2. إيقاف تعزيز السلوك تدريجيًا، مع الثبات والهدوء.
  3. تعليم الطفل التعبير عن مشاعره بالكلام بدلًا من السلوك المؤذي.
  4. وضع حدود واضحة وقوانين ثابتة داخل الأسرة.
  5. بناء روتين يومي يمنح الطفل الشعور بالأمان والاستقرار.
  6. العمل على توازن الأم النفسي؛ فالأم المتزنة تُنشئ طفلًا أكثر اتزانًا.

دور الأب في ضبط السلوك؟!
لا يمكن إغفال دور الأب في هذا السياق، فغيابه النفسي أو تناقضه التربوي مع الأم يزيد من حدة هذه السلوكيات. وجود رسالة تربوية موحدة بين الوالدين يمنح الطفل شعورًا بالاستقرار، ويقلل من لجوئه إلى الضغط العاطفي لتحقيق مطالبه.

في النهاية..
التربية الواعية لا تعالج السلوك وحده، بل تُنقذ نفسًا تبحث عن الأمان.
فالاحتواء لا يعني الاستسلام، والحزم لا يعني القسوة. وحين نحسن الفهم، نحسن التربية، وننشئ أبناءً أكثر توازنًا وقدرة على مواجهة الحياة.

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
Sally Hussein تقييم 5 من 5.
المقالات

6

متابعهم

5

متابعهم

3

مقالات مشابة
-
إشعار الخصوصية
تم رصد استخدام VPN/Proxy

يبدو أنك تستخدم VPN أو Proxy. لإظهار الإعلانات ودعم تجربة التصفح الكاملة، من فضلك قم بإيقاف الـVPN/Proxy ثم أعد تحميل الصفحة.