ميلاد نرجسي مرض أم هبة
سنة 8 م كتب الشاعر الروماني Ovid في قصيدته Métamorphoses عن أسطورة إغريقية، أسطورة الشاب Narcissuses إبن إله النهر Cephissus .
كان Narcissus في غاية الوسامة، بديع الجمال و بالرغم من ذلك إلا أنه رفض جميع البنات اللواتي أحببنه بما فيهم حورية الغابة .
تمنع Narcissus أغضب آلهة الانتقام، لتصب عليه لعنتها . في يوم من الأيام يذهب الشاب الوسيم ليشرب من بحيرة فيرى على انعكاس وجهه على الماء فيقع في غرام نفسه و من تلك اللحظة لم يتوقف الشاب الوسيم عن النظر إلى صورته إلى أن مات في مكانه ، في نفس المكان الذي مات فيه تنبت زهرة صفراء اللون سميت على إسمه زهرة النرجس.
من شخصية Narcissus الأسطورية سُمي ما يعرف الآن ب اضطراب الشخصية النرجسية . العالم النمساوي الشهير Sigmund Freud يقول أن النرجسية ظاهرة طبيعية في مراحل نمو الطفل لكن يمكن أن تُعتبر اضطرابا إذا فشل الطفل في تخطي هذه المرحلة و تطورت معه هذه الصفات النرجسية إلى بعد سن البلوغ . الشخص النرجسي في علم النفس، هو الشخص المتغطرس يبالغ في تقدير إنجازاته و لا يرى نفسه شخصا عاديا أبدا ، يشغل نفسه بخيالاته للوصول إلى النجاح و السلطة لا محدودة و الحب المثالي ، بالرغم من كل هذه الصفات التي قد تجعلك تتسائل ما إذا كان الشخص النرجسي سيء و مكروه ، لكنه العكس من السهل جدا أن ينشء علاقات و صداقات وذلك لأنه يتمتع بكاريزما عالية و أحيانا يكون جذابا خاصة للنساء لكن كل هذا في البداية لأنه موهوب في ترك إنطباعات أولى جيدة لكن بعد ذلك في المرحلة الموالية من الصداقة عند تطورها تفوح رائحة النرجسية ، فهو يحتاج إعجابا دائم و تقدير كعلاقة الفنان بمعجبيه . دائما ما الشخص النرجسي يحب أن يحبط الطرف الآخر مع أنه لا يقبل النقد إطلاقا .
ليست فقط المشكلة في صداقاته كذلك في العلاقات العاطفية، فبعض الدراسات تقول أن علاقات الشخص النرجسي لا تتجاوز 4 شهور .
الشخص النرجسي يعشق وسائل التواصل الإجتماعي لأنه تسمح له بأن يعرض شخصيته بالشكل المثالي الذي يريد فهي تقدم له التأكيد الذي يحتاجه من الأشخاص ليشعر بمكانته . لكن الشيء المفاجيء أنه رغم كل عيوبه، الشخص النرجسي يمكن أن يكون أنجح من الشخص الطبيعي فشعوره بأنه أفضل من الجميع يولد لديه إصرارا عاليا بالنجاح و التفوق و كذالك يقينه بأنه الأصلح للقيادة يمكن أن يجعله قائدا فعلا على مثال كثير من الزعماء و القادة في التاريخ ‘يحتمل’ أنهم نرجسيين ‘كالإسكندر الأكبر’ ‘نابليون بونابارت’ ‘دونلد ترامب’
Micheel maccoby عالم أجناس يقول أن الشخص الذي يجب أن يكون في موقع قيادي يحتاج إلى جرعة من النرجسية في مستوى مقبول وليس مرضي لكي يكون قائدا ناجحا و يقول أن الكثير من قادة ثورة التكنولوجيا ك ‘Bill Gates’ ‘Steve Jobs´ Andy grove .. يتسمون بجرعة من النرجسية.
جزء من الموضوع له علاقة بالجينات و الجزء الثاني له علاقة بالتربية فالأهل يمكن أن تودي بأطفالها إلى ذلك من غير قصد يمكنهم أن يصنعو شخصية نرجسية من شدة حبهم لأولادهم فكثير من الأهالي يحاولون تشجيع أطفالهم و يحاولون تنمية ثقتهم بانفسهم فيقومون بمدحهم بمبالغة في كثير من الأحيان فالمديح أنواع منه المفيد و منه المضر انطلاقا من كلام علماء النفس فهناك فرق كبير في أن تمدح في شخصية الطفل بشكل مبالغ و دائم و هو المضر و أن تمدح أداء الطفل و إنجازه وهذا الصحيح الذي يعلي ثقة الطفل بنفسه دون أن يعتقد أنه أحسن من الآخرين و أنه يجب أن يكون أفضل من الجميع ليحصل على هذا اللقب.
كذلك البيئة الثقافية التي ترعرع فيها الطفل يمكن أن تكون السبب في أن يزداد نرجسية.
من الطبيغي أن لا نحب الشخص النرجسي ، فلا أحد يحب الأشخاص المتعالية و الحادة في التعامل و لا أحد يحب اعتقاد النرجسي بأنه أفضل من الجميع و لا رغبته المبالغ فيها في أن يكون محور الاهتمام. لكن في النهاية هذه كلها نتائج لأشياء هو غالبا غير متحكم فيها قد تكون جينات أو بيئة معينة فهذه كلها أعراض، اضطراب نفسي يعاني منه، مرض كجميع الأمراض النفسية.