الآثار الناجمه عن سوء معامله الأطفال وإهمالهم
الآثار الناجمه عن سوء معامله الأطفال وإهمالهم
قصه توضح الآثار الناجمه عن سوء معامله الأطفال وإهمالهم :
فى هذا المقال عزيزي القارئ لن أطرح الموضوع بشكل علمي كالمُعتاد فى المقالات السابقه ..
لكن أكتبها لك بتجربه جديده علي ككاتب وعليك ككقارئ ، بكل حب وتقدير لك إنساناً ميزه الله بكونه عاقلاً مفكراً ..
سوف آخذك معى فى رحله نتجرد فيها من جسدنا المادي ، ونتحد مع وعي الكون ، لنسافر معاً عبر الأبعاد إلى بعد آخر ..
أنت الآن متحد مع الكون فتذكر : ليس لديك أي سيطره على مدار الأحداث , أنت حاضر بوعيك فقط ..
أترى النقط المضيئه حولك كالنجوم ؟
سوف نختار نجم منهم و حينما نبدأ فى التركيز عليه أكثر؛ سوف يظهر لنا كون آخر..
لناخذ نظره عن قرب أكثر وأكثر ، إلى أن نصل لمدينه فقيره للغايه..
البيوت بها متهالكه و صغيره مبنيه من الطوب والخشب ، يسكن تلك البيوت عمال المصانع والعمال ذوي الاجور المنخفضه..
و هناك أيضاً بعض الأكواخ المبنيه من الخشب وطوب اللبن يسكنها الفقراء والمهاجرين ..
تَفتَقِر القريه إلى المرافق الأساسيه داخل البيوت : فلا يوجد سوى المراحيض ومضخات الماء العامه فقط ..
شوارع المدينه ضيقه متسخه بالوحل والطين , تتراكم عليها القمامه من الجانبين و لايوجد مصدر اناره ..
لا شك أن تلك الشوارع مرعبه للغايه فى الأوقات المتأخره من الليل ..
لنذهب داخل أحد هذه البيوت الفقيره ، ركز أكثر سوف تدخل بوعيك الى أهم حدث هناك
حيث يجلس الزوج والزوجه فى غرفه.صغيره مليئه بالأطفال..
الأب يبدو في حاله سيئه للغايه ، والأم تشعر بالألم النفسي الشديد ؛ فسوف يرسل الأب أولاده الصغار إلى دار الأيتام التابعه للدوله لرعايتهم ..
فكيف لأسره فقيره أن ترعى 6 أولاد ؟
فى هذه الفتره الزمنيه لم يُكتشف وسائل منع الحمل بعد ..
لم تكن تلك الأسره هي الأسره الوحيده التى أرسلت أطفالها مضطرين إلى دار الرعايه ..
بل تم إرسال نصف مليون طفل إلى هذه المؤسسات .
هيا بنا الى دار الرعايه ، لنلقى نظره بالداخل ..
تحتوى تلك الدار على عدد قليل من الغرف مقارنه بعدد الأطفال..
فالأطفال يتشاركون السرائر ، والبعض منهم ينام على الأرض ، لا يوجد أغطيه كافيه فالأطفال دائماً ما يشعرون بالبرد ..
والأصعب من ذلك هو الحصول على نوم مريح ، فلا يوجد تدفئه في الشتاء ، ولا تحتوى الغرف على مصادر للإناره ؛ فمصدر الضوء الوحيد يأتى في الصباح من النوافذ ..
لم تكن الغرف نظيفه ويوجد بها الكثير من الحشرات ولا يوجد سوى حمام واحد لكل طابق..
الحمامات قذره ومزدحمه ولا يوجد بها ماء ساخن ، لا عجب أن الأمراض الشائعه للأطفال فى تلك الدار هى : إلتهابات الجهاز التنفسي
أترى ياصديقي الطفل الصغير الجالس محدقا فى السقف ؟ إنه يدعى آدم ، تذكره جيداً..
إنه يجلس على السرير و بجانبه طفل آخر يتأرجح ذهاباً وإياباً : يُدعى مايكل ..
هل تتسائل لماذا يبدو عليهم الملل الشديد ؟
أليس من المفترض أن يقوموا ببعض الأنشطه فى اليوم ؟
عدم توافر الألعاب أو الكتب أو أى شئ آخر لتحفيز التطور المعرفي للاطفال ، و قله الإتصال البشري جعلت الأطفال تطور إستراتيجيات للتحفيز الذاتى ..
مثل سلوك الطفل مايكل الذي يتأرجح بملل فى سريره ..
اترى باقي الاطفال ؟
ماذا تلاحظ عزيزي المهتم بعلم النفس ؟
نعم يبدو عليهم إنخفاض معدل الذكاء وتأخر اللغه ونقص التفكير الابداعى .. هل تعلم لماذا ؟
أدمغتنا يا عزيزي تبنى روابط مع كل تجربه وتحفيز جديد ..
فإذا لم يكن هناك تجارب غنيه خلال السنوات الأولى من الحياه (الفتره التي تتطور فيها الدماغ بشكل أسرع )
فلن يتمكن الطفل من بناء الأسس اللازمه للتعلم الأمثل فى المستقبل ..
هناك 400 طفل فى الدار ، إنظر لجميع الغرف التى لم يتم تنظيفها إلا نادراً ..
هذا يشكل خطئاً جسيماً على صحتهم وسلامتهم النفسيه ؛ بل إنها إنتهاك لحقوقهم الأساسيه وكرامه الطفل ..
كما تعلم البيئه الغير صحيه للطفل تسبب شعوراً له بالضيق والإكتئاب، وتشتت إنتباه الطفل وتعيق تركيزه ؛ مما يؤثر سلباً على قدرته على التعلم ..
لذلك جميع الأطفال فى الدار تظهر على وجوههم التعاسه والحزن ..
هذه الدار تثير فضولي لإكتشافها والتجول بداخلها اكثر ..
أريد أن ندخل لغرفه الطعام : فقد حان موعد العشاء ..
أريد ان أرى كيف حال غرفه الطعام بعد أن رأيت غرف النوم والحمامات البشعه ..
هل أنت معي ؟ إلى ما تنظر ؟ العامل الذي يسرق وجبه الأطفال ؟
يسرق بعض العاملين وجبات الأطفال أحياناً ؛ فالدوله لا تقدر على توفير وجبات للعاملين أيضاً..
تحتوى هذه الوجبه على الخبز وحساء العدس ..
من المستحيل فى تلك الدار حصول الطفل على طعام مغذى ومتنوع .
مساكين الاطفال ، تفتقر وجباتهم للعناصر الأساسيه للتغذيه من : بروتين ومعادن وفيتامينات التى تساعد الأطفال على النمو ..
ليس هذا فقط لا يوجد ما يكفى من أدوات المائده ، فترى الأطفال تتشارك فى أدوات مائده واحده , وهذا سبب آخر لإنتشار الأمراض فى الدار..
إنظر يا عزيزي يمين الغرفه ؛ المشرف يمارس العنف للسيطره عالايتام ..
أعلم بأن هذا سئ للغايه ، أتعلم ما هو الإنطباع الذى يتركه هذا السلوك ؟
أتتذكر آدم ؟ الطفل الذى رأيناه فى غرفه النوم جالساً محدقاً فى السقف ؟
هذا هو هناك والاطفال الأكبر منه سناً يلتفون حولهم لضربه ..
اتعرف لماذا ؟ يعتقد هؤلاء الاطفال الكبار أن العنف دلاله لممارسه السلطه مثلما يفعل البعض من المشرفين ..
مسكين آدم اليس كذلك ؟؟
لكن .. أين صديقه مايكل ؟ أنا لا أراه فى غرفه الطعام !! هيا لنذهب للبحث عنه ..
لندخل إلى غرفه نوم أخرى للأطفال ..
هؤلاء الاطفال في تلك الغرفه يبدو عليهم الضعف والإرهاق . . من المحتمل أنهم مرضى أليس كذلك ؟
بالطبع يا عزيزي .. فعواقب الإهمال الجسدي ونقص العناصر الغذائيه الأساسيه ، وعدم الإهتمام بنظافه المكان ؛ سبب فى مرض معظم الأيتام و وقف نموهم
بل أيضا إصابه أغلبهم بفيروس نقص المناعه البشريه .
ها هو مايكل !
نتيجه لإلعتداء الجسدي على مايكل أصابته بعض الجروح والكدمات ..
لا تقدر الدوله على توفير إمدادات طبيه جديده ..
اضطر المشرفون لإعاده أستخدام الإمدادت الطبيه التي لديهم ؛ فأصيب مايكل بإلتهاب الكبد الوبائي ..
نادراً ما كان ينجح الموظفون المرهقون والغير مدربين فى تهدئه الاطفال الباكين ..
أتعلم كيف أثر هذا علي الأطفال ؟
لنلقى نظره مره اخرى إلى آدم وسوف تعرف الإجابه وحدك ..
آدم بعد تعرضه للإعتداء الجسدي يقف هناك صامت غير متأثر بما حدث حتى إنه لا يبكى ..
فليس جديد عليه فقد ترك بمفرده تماماً مع همومه ؛ فلجأ دانيال لإخفاء مشاعره عن الاشخاص الذي يجب عليهم حمايته ؛ فهو لا يثق بأحد حتى المشرفين الجيدين ..
الإهمال العاطفي والقلق يؤدى لإفراز هرمونات التوتر المعروفه .. نعم الادرينالين والكورتيزول ..
انها بمثابه السم للدماغ يا عزيزي .
هذه التجربه شوهت أيضاً فهم الأطفال للحب والعلاقات الانسانيه ..
أتتوقع ما سيحدث لآدم عندما يبلغ في السن ؟
نعم سوف يعاني من الإكتئاب والأرق والقلق الإجتماعي ومشاكل في الثقه كبيره ..
لنرى ماذا سيحدث لهذه الدار بعد مرور 3 سنوات ..
اترى هؤلاء المجموعه التى تتفحص الأطفال فى الدار ؟ هم باحثون جائوا من جميع أنحاء العالم عند سقوط النظام المستبد فى القريه ..
أظهرت فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي أن بعض الأطفال لديهم أحجام أصغر من كتله الدماغ ..
وهذا الفحص قدم حجه قويه ان التغذيه ليست مهمه لنمو الطفل فقط ، بل أيضاً للتواصل البشرى ..
ما مصير الاطفال يا ترى ؟
تم تبنى عدد كبير منهم ألى عائلات أجنبيه ، ولكن حتى بعد التبني واجه العديد منهم مشاكل فى تكوين روابط محبه لوالديهم الجدد..
أتدرى لماذا ؟
الطفل يا عزيزي يحتاج إلى إقامه علاقه حب مع مقدم رعايه أساسي واحد عالاقل فى وقت مبكر فى الحياه
لكن كان آدم محظوظاً جداً مع عائلته ولكن إستمر فى تجربه الصدمه والقلق لكنه تابع تعليمه الجامعي ..
وكون أسره خاصه به , ثم لسس بعد ذلك منظمه غير ربحيه للأطفال المهملين ..
حاول آدم التعافى من أثر تجربته القاسيه التى أثرت عليه ، ليس هذا فقط.. بل أراد مساعده الأطفال الذين يمرون بتجربه مشابهه لتجربته ..
لكن هناك أطفال أخرى لم تقدر على الإستجابه المشابهه لآدم , بل ظلوا لا يثقون بأسرهم ولا بأحبائهم وعانوا لبقيه حياتهم من أثر تلك الصدمه ..
حان وقت العوده لواقعك.. فقد جعلتك ترى وتتعايش مع تلك التجربه القاسيه بكل جوانبها ..
افتح عينيك .. ها أنت فى بيتك نائماً على سريرك ..
قبل أن أودعك ، إذا تعرضت لأي شكل من أشكال الإهمال أو الإساءه فى صغرك ، فلتعلم إنه لم يكن خطأك أبداً..
وأريدك أن تفكر في كيفيه تأثيره عليك اليوم .
وإن أردت الإنجاب أو تبني الأطفال ، تذكر جيداً تلك الرحله وأهميه توفير بيئه صحيه للطفل ..
وإن كنت أحد الوالدين ولديك بالفعل أطفالاً ، أتمنى أن أكون قد ساعدتك في هذا المقال ؛ لتكون على درايه ومعرفه بكيفيه تأثير البيئه على طفلك ، وكيف تؤثر أنت عليه لباقي حياته ..
نتمنى لجميع الأطفال فى كل أنحاء العالم : أن يقدم لهم السلامه والحب والدعم من مقدمى الرعايه فى حياتهم ..
.