ما هي ال EROTOMANIA أو هوس العشق ؟

ما هي ال EROTOMANIA أو هوس العشق ؟

0 المراجعات

هوس العشق: عندما يتحول الوهم إلى حب من طرف واحد

قد تسمع أحيانًا عن قصص حب غريبة يصعب تصديقها. شخص يظن أن نجمه المفضل يبادله نفس المشاعر، أو فتاة مقتنعة أن شخصية سياسية مرموقة ترسل لها إشارات سرية عبر التلفاز. قد تبدو مجرد أوهام عابرة، لكن في عالم الطب النفسي هناك اسم محدد لهذا الاضطراب: هوس العشق أو Erotomania، والمعروف أيضًا بـ متلازمة دي كليرامبو (De Clérambault's syndrome).

هذا الاضطراب النفسي ليس مجرد إعجاب مبالغ فيه أو تعلق عاطفي عابر، بل هو وهم راسخ يجعل المصاب يصدق بعمق أن هناك علاقة عاطفية تجمعه بشخص آخر، حتى لو لم يلتقِ به يومًا. في الغالب يكون الطرف الآخر شخصية مشهورة، أو شخصًا ذا مكانة اجتماعية عالية، مما يجعل الوهم أكثر رسوخًا في عقل المريض.


بين الماضي والحاضر: قصص غريبة ولكن حقيقية

الطبيب النفسي الفرنسي غايتان غاتيان دو كليرامبو، الذي حملت المتلازمة اسمه، كان أول من درس هذه الظاهرة بشكل علمي في أوائل القرن العشرين. في ملاحظاته الشهيرة، وصف حالة امرأة كانت تقف لساعات أمام قصر بكنغهام مقتنعة أن الملك جورج الخامس يرسل لها رسائل حب عبر حركة الستائر في النوافذ. بالنسبة لها، لم تكن هذه مجرد صدفة، بل "دليل قاطع" على وجود علاقة سرية تجمعها بالملك.

وإذا عدنا إلى زمننا الحالي، نجد أن الظاهرة لم تختفِ، بل ربما ازدادت مع انتشار وسائل الإعلام والإنترنت. يكفي أن ننظر إلى معجبي نجوم الكيبوب (K-pop) مثل فرقة BTS. في إحدى المناسبات، تمنّت إحدى المعجبات أن يسقط نجمها المفضل عليها وهو يؤدي عرضًا على المسرح، معتبرة أن ذلك سيكون "إشارة حب" منه إليها. هذه التصرفات قد تبدو طريفة للبعض، لكنها تعكس خطورة الوهم العاطفي الذي قد يصل أحيانًا إلى المطاردة أو السلوكيات المهووسة.


كيف ينظر الأطباء إلى هذه الحالة؟

الأطباء النفسيون يصنّفون الإيروتومانيا كنوع من الاضطرابات الوهمية. ورغم أن كثيرًا من الحالات تبقى في حدود الخيال الشخصي، إلا أن بعض المرضى قد ينتقلون إلى مرحلة أخطر، مثل محاولة التواصل المستمر مع الشخص الموهوم أو حتى تتبعه، مما يعرّض المريض نفسه والآخرين للخطر.

وعن طرق العلاج، يرى الطبيب النفسي غاري تاكر (Gary Tucker) أن:

"عادةً ما تكون مزيجًا من العلاج النفسي والأدوية ضروريًا لتخفيف أعراض الأوهام الإيروتومانية."

هذا يعني أن الحل لا يقتصر على جلسات الدعم النفسي فقط، بل يتطلب أيضًا أدوية تساعد على السيطرة على الهلاوس والأفكار الوهمية. والأهم من ذلك أن المصاب بحاجة إلى بيئة داعمة تفهم حالته بدلًا من السخرية منها أو إنكارها.


لماذا يهمنا الحديث عن هذا الموضوع؟

لأن الوعي هو أول خطوة نحو العلاج. كثير من الناس يخلطون بين الحب الحقيقي وبين الوهم، فيستسلمون لفكرة أن "الشخص الآخر يبادلهم نفس الشعور" دون أي دليل واقعي. في الحقيقة، الحب علاقة تقوم على التواصل والوضوح والاعتراف المتبادل، أما الإيروتومانيا فهي وهم يعيق صاحبه عن عيش علاقة طبيعية.

ورغم غرابة هذا الاضطراب، إلا أنه نادر نسبيًا. ومع ذلك، لا يقلل هذا من خطورته على حياة المريض إذا لم تتم معالجته. التعلق بشخص لا يعرف حتى بوجودك قد يبدو في البداية أمرًا غير مؤذٍ، لكن مع مرور الوقت قد يتحول إلى معاناة نفسية وعاطفية عميقة.


ختامًا

هوس العشق ليس قصة رومانسية ولا مشهدًا من فيلم خيالي، بل هو اضطراب نفسي يحتاج إلى فهم وعلاج. تذكّر دائمًا أن الصحة النفسية لا تقل أهمية عن الصحة الجسدية، وأن الدعم النفسي قد يغيّر حياة شخص يعاني بصمت.

فكر قليلًا: هل سمعت بهذا المصطلح من قبل؟ وهل تعتقد أن بعض حالات "الإعجاب الجنوني" التي نشاهدها حولنا قد تكون أكثر من مجرد إعجاب عادي؟

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

1

متابعهم

1

متابعهم

1

مقالات مشابة