السعادة: وهم نطارده أم حقيقة نعيشها

السعادة: وهم نطارده أم حقيقة نعيشها

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

منذ الأزل، شغلت السعادة عقول البشر، ويمكننا تناول هذا المفهوم من زوايا مختلفة. فالبعض يرى السعادة في المال والنجاح، وآخرون يربطونها بالعلاقات الإنسانية، بينما يعتقد طرف ثالث أنها حالة داخلية لا علاقة لها بممتلكاتنا، لكن السؤال يبقى حاضرًا؛
هل السعادة وهم وسراب نطارده، أم حقيقة يمكننا أن نحققها ؟ 

image about السعادة: وهم نطارده أم حقيقة نعيشها

1- السعادة بين الفلسفة والواقع.

تناول الفلاسفة مفهوم السعادة بعمق. مثلا، أرسطو اعتبرها الغاية الأسمى للحياة، تتحقق عبر الاعتدال لا عبر الملذات الزائلة وإشباع الشهوات المؤقتة. بينما البوذية ربطت السعادة بالتحرر من التعلق، معتبرة أن التمسك بما لا يدوم هو سبب الألم.

كلها وجهات نظر ورغم اختلافها، تتفق على أن السعادة ليست في الخارج، بل في داخلنا نحن، أفئدتنا.

2- مفارقة بين الأغنياء والفقراء.

قد يظن الكثير أن الغنى يساوي السعادة، لكن الواقع يكشف غير ذلك. فكم من ثري يملك المليارات مثل إيلون ماسك، ومع ذلك يصرح أحيانًا بشعوره بالوحدة والتعب النفسي، وكأن المال لم يجلب له الاطمئنان. وفي المقابل، نجد فقراء يملكون القليل، لكنهم يضحكون من قلوبهم، راضون بما قسم الله لهم، يعيشون حياة أبسط لكنها أهدأ. ولعل من أبلغ ما قيل في هذا الباب قول بعض السلف: "نحن في لذة لو عرفها الملوك لجالدونا عليها بالسيوف"، إشارة إلى لذة الإيمان والرضا التي تفوق متع الدنيا كلها. هذه المفارقة تذكّرنا أن السعادة ليست فيما نملك، بل فيما نشعر به ونعيشه بصدق.

3- رحلتي الشخصية في البحث عن السعادة.

من خلال تجربتي، وجدت أن السعادة عكس ما يُروج له في يومنا هذا، من سيارات، وبيوت... بل هي قرب العبد من ربه، وما هي إلا ثمرة واحدة من ثمرات الإيمان والعمل الصالح. وأستدل بقول الله عز وجل: "مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً" [النحل: 97].

حتى وإن كانت السعادة في الغنى فإني أذكر حديثا للنبي عليه أفضل الصلاة والسلام، أنه قال: { من أصبح منكم آمنا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها }. هذا ما يعني أن سعادة الدار الدنيا لا تتطلب الغنى بالمال أو ما شابه، بل تكتفي بالأمان والصحة وما يسر الله من قوت اليوم، وإن عارضتني عزيزي القارئ، تأمل في حال إخواننا تحت الحصار، وبينما أنت تعد الكواكب، فكر في شعب الخيام.

وأتذكر مقولة للإمام الشافعي رحمه الله، يقول فيها: "رضا الناس غاية لا تدرك، ورضا الله غاية لا تترك" فٱختر يا أخي، وٱعلمْ أنه يستحيل الجمع بينهما، لما في ذلك من مذمومية الأغلبية ومحمودية الأقلية.

السعادة ليست وهمًا مستحيلا، ولا هدفا بعيدا. هو شعور حقيقي وحق لنا كلنا، نعيشه كل يوم من خلال الامتنان، الرضا، وحسن التعامل مع تحديات الحياة. فإذا تعلمنا أن نرى الجمال في التفاصيل الصغيرة والموجودة خاصة، سنحظى بنشوة السعادة.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

1

متابعهم

1

متابعهم

1

مقالات مشابة
-