"ابني تغير فجأة!".. كيف نحمي الصحة النفسية للمراهق دون أن نخسر أعصابنا؟

"ابني تغير فجأة!".. كيف نحمي الصحة النفسية للمراهق دون أن نخسر أعصابنا؟

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

"ابني تغير فجأة!".. كيف نحمي الصحة النفسية للمراهق دون أن نخسر أعصابنا؟

كيفية التعامل مع العقد النفسية لدى المراهقين - اتعلم

 

اليوم تقف أمام تحدٍ مختلف تماماً. فجأة، ذلك الطفل الوديع الذي كان يركض لاحتضانك عند الباب، أصبح شاباً أو فتاة تغلق باب الغرفة بالساعات، وترد عليك بكلمة واحدة، وعيناها مثبتتان في الهاتف.

أنا هنا لا أحدثك كخبير يلقي عليك نظريات معقدة، بل أحدثك كشخص يدرك تماماً شعور "الحيرة" الذي يعيشه كل أب وأم لديهم مراهق في البيت. الحديث عن الصحة النفسية للمراهقين ليس ترفاً، ولا هو "دلع" كما يظن البعض، بل هو ببساطة محاولة لفهم هذا "الإعصار" الذي يضرب بيوتنا الهادئة، وكيف نخرج منه بأقل الخسائر، بل وبعلاقة أقوى مع أبنائنا.

ما الذي يحدث داخل رؤوسهم؟

دعنا نكون صرحاء، المراهق ليس "شريراً" ولا يتعمد استفزازك (وإن كان يبدو كذلك أحياناً!). تخيل أن تستيقظ يوماً لتجد جسدك يتغير، صوتك يتبدل، ومشاعرك تتأرجح بين الفرح والبكاء في دقيقة واحدة، والجميع يطالبك بأن تتصرف كشخص ناضج بينما يعاملونك كطفل! هذه هي الفوضى التي يعيشها ابنك.

دماغه الآن يشبه "ورشة بناء"، كل شيء يُعاد ترتيبه. لذا، عندما يصرخ أو ينسحب، هو في الحقيقة يقول لك: "أنا ضائع، ساعدني"، لكن لغته تكون مشفرة وغالباً ما تكون فظة. دورنا هنا هو التقاط الرسالة الخفية خلف الصراخ، لا الرد على الصراخ بصراخ أعلى.

الفخ الذي نقع فيه جميعاً: "أنا أعرف مصلحتك"


أكثر ما يضر الصحة النفسية في هذه المرحلة هو أسلوب "المحاضرات". بمجرد أن يأتيك ابنك بمشكلة، يشتغل زر "الأب الناصح" داخلك وتبدأ بسرد الحلول والنصائح. الحقيقة الصادمة؟ هو لا يريد حلاً، هو يريد أذناً تسمعه فقط.

جرب هذه المرة طريقة مختلفة. عندما يشتكي من صديقه أو من المدرسة، لا تقل له "كان يجب أن تفعل كذا". قل له ببساطة: "يااه، الموضوع يبدو مزعجاً فعلاً، كيف تشعر الآن؟". صدقني، شعوره بأنك "تسمعه" دون أن تحكم عليه هو أكبر دواء لنفسيته القلقة. هذا الاحتواء هو ما يجعله يعود إليك دائماً بدلاً من البحث عن أذن غريبة قد تضره.

هاتفي.. مملكتي الخاصة

نعرف جميعاً معركة "الهاتف". أنت تخاف عليه مما يراه، وهو يرى الهاتف امتداداً لشخصيته. المراقبة اللصيقة والتفتيش في الرسائل هي أسرع طريقة لهدم جدار الثقة. وإذا انهارت الثقة، انهارت معها قدرتك على التأثير فيه.

بدلاً من لعب دور المحقق، العب دور الشريك. امنحه مساحة خاصة واحترم خصوصيته، فهذا يعزز ثقته بنفسه ويشعره بالأمان النفسي. راقبه بذكاء، كن قريباً منه لدرجة أنه هو من يأتي ليحكي لك ما رآه على "تيك توك" أو "إنستغرام"، لا أن تضطر للتجسس لتعرف.


متى يجب أن نقلق فعلاً؟

رغم أن التقلبات المزاجية طبيعية، لكن هناك خطوط حمراء يجب ألا نتجاهلها تحت شعار "فترة وتعدي". إذا لاحظت أن ابنك انسحب تماماً من الحياة، توقف عن ممارسة هواياته، تغير نومه وأكله بشكل مخيف، أو بدأ يلمح بأن الحياة بلا قيمة.. هنا توقف.

الاكتئاب عند المراهقين وحش حقيقي وصامت. في هذه الحالة، طلب المساعدة من مختص نفسي ليس عيباً، بل هو قمة المسؤولية والحب. لا تتركه يغرق وتكتفي بالمراقبة.


 

كلمة أخيرة من القلب

أعرف أن الأمر مرهق. وأعرف أنك قد تبكي وحدك أحياناً من قسوة كلماتهم. لكن تذكر دائماً: أنت "المرسى" الوحيد الثابت في بحرهم الهائج. هم يحتاجون حبك غير المشروط أكثر من أي وقت مضى، حتى لو أظهروا عكس ذلك.

هذه الأيام ستمر، وسيصبح هذا المراهق المتمرد شاباً ناضجاً ومحباً، وسيتذكر دائماً أنك كنت الحضن الذي لم يغلق بابه أبداً في وجهه، مهما كانت العواصف قوية.


 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
Dalia Shouman تقييم 0 من 5.
المقالات

1

متابعهم

0

متابعهم

0

مقالات مشابة
-
إشعار الخصوصية
تم رصد استخدام VPN/Proxy

يبدو أنك تستخدم VPN أو Proxy. لإظهار الإعلانات ودعم تجربة التصفح الكاملة، من فضلك قم بإيقاف الـVPN/Proxy ثم أعد تحميل الصفحة.