التعلق المرضي والتعلق العاطفي

التعلق المرضي والتعلق العاطفي

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

الفرق بين التعلق المرضي والتعلق العاطفي وأثرهما على الصحة النفسية

 

 

في عالم العلاقات الإنسانية، يُعدّ "التعلّق" شعورًا طبيعيًا يربطنا بمن نحب، ويمنحنا الإحساس بالأمان والانتماء. لكن هذا الشعور الجميل يمكن أن يتحوّل إلى قيد خانق إذا تجاوز حدّه الطبيعي. هنا يظهر الفرق بين التعلّق العاطفي الصحي والتعلّق المرضي، وهما وجهان متناقضان لعاطفة واحدة قد تبني الإنسان أو تدمره.

التعلق العاطفي الصحي: ارتباط يوازن بين الحب والحرية

التعلّق العاطفي الصحي يعني أن نحب الآخر بصدق، لكن دون أن نفقد أنفسنا داخله.

هو شعور يقوم على الاحترام المتبادل، والثقة، والاستقلالية النفسية. في هذا النوع من التعلّق، يدعم كل طرف الآخر دون أن يلغيه. فالعلاقة هنا تصبح مصدر طمأنينة ونمو، وليست ساحة صراع أو خوف من الفقد.

الأشخاص الذين يعيشون هذا النوع من التعلّق يتمتعون غالبًا بـ استقرار نفسي، لأنهم يدركون أن الحب لا يعني السيطرة أو التملك، بل المشاركة والتفاهم. هم يقدرون ذواتهم، ويستمدون قوتهم من داخلهم لا من وجود الطرف الآخر فقط.

 

التعلق المرضي: حين يتحول الحب إلى تبعية

أما التعلّق المرضي، فهو الوجه المظلم للعاطفة. يحدث عندما يشعر الشخص بأنه لا يستطيع العيش أو الشعور بالقيمة دون الآخر. يصبح الطرف الآخر محور الحياة، ومصدر الأمان الوحيد، مما يؤدي إلى خوف دائم من الفقد، وقلق مفرط من الهجر، وسلوكيات تقيّد الحرية الشخصية للطرفين.

هذا النوع من التعلّق ينتج غالبًا عن نقص عاطفي في الطفولة أو تجارب مؤلمة سابقة، تجعل الفرد يبحث في العلاقات عما لم يجده في نفسه من حب أو قبول. وهنا يتحوّل الارتباط إلى حالة من الإدمان العاطفي، حيث يصبح الحبيب أو الصديق بمثابة "جرعة طمأنينة" مؤقتة، تنتهي ليبدأ بعدها الألم والاحتياج من جديد.

 

الأثر النفسي لكل نوع

من الناحية النفسية، يُعدّ التعلّق العاطفي الصحي عاملاً مهمًا في بناء صحة نفسية مستقرة، لأنه يشجع على التواصل الناضج ويعزز احترام الذات. أما التعلّق المرضي فيرتبط ارتباطًا وثيقًا باضطرابات مثل القلق، الاكتئاب، اضطراب الهوية، وانخفاض تقدير الذات.

الأشخاص المصابون بتعلّق مرضي يعيشون غالبًا في دائرة مغلقة من الخوف والاحتياج، مما يؤدي إلى إنهاك نفسي شديد. بينما يمنح التعلّق العاطفي الصحي شعورًا بالسكينة والثقة، ويخلق بيئة آمنة تسمح لكل طرف بأن يكون نفسه دون خوف.

 

كيف نتحول من التعلق المرضي إلى التعلق الصحي؟

الخطوة الأولى هي الوعي. إدراك أن الحب لا يجب أن يلغينا بل يدعمنا. يلي ذلك العمل على الذات من خلال بناء الثقة بالنفس، وتوسيع دائرة العلاقات الاجتماعية، وممارسة الأنشطة التي تمنح إحساسًا بالإنجاز والرضا الذاتي.

وفي بعض الحالات، قد يساعد العلاج النفسي في معالجة الجذور العميقة لهذا التعلق، خصوصًا إذا كان مرتبطًا بصدمة عاطفية سابقة أو تجربة فقد مؤلمة.

 

ختامًا

العلاقة الصحية لا تُبنى على خوف الفقد، بل على راحة البقاء. التعلّق العاطفي الصحي يمنحنا جناحين للطيران مع من نحب، أما التعلّق المرضي فيكسر أحدهما لنتمسك بالآخر. وبين الحب الناضج والارتباط المرهق، يبقى الطريق نحو الاتزان النفسي هو أن نحب بوعي، ونرتبط بحدود، ونضع ذواتنا في المكان الذي تستحقه: في قلب العلاقة، لا على هامشها.

image about التعلق المرضي والتعلق العاطفي

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

10

متابعهم

2

متابعهم

1

مقالات مشابة
-