اضطراب ما بعد الصدمة: أهم الأعراض والعلاج المناسب

الحياة مليئة بالتحديات والمواقف الصعبة التي قد نمر بها جميعًا ولكن بعض التجارب تترك أثرًا عميقًا يتجاوز مجرد ذكرى مؤلمة، والتي فسرها أطباء النفس اضطراب ما بعد الصدمة هو أحد الاضطرابات النفسية التي تؤثر على ملايين الأشخاص حول العالم، وقد يصيب أي شخص تعرض لحادث صادم أو تجربة مؤلمة غيرت مجرى حياته.
في هذا المقال سنأخذك في رحلة شاملة للتعرف على اضطراب ما بعد الصدمة وأعراضه وأسبابه وأهم الطرق العلاجية المتاحة التي أثبتت فعاليتها في مساعدة المرضى على تجاوز هذه المحنة.

ما هو اضطراب ما بعد الصدمة؟

اضطراب ما بعد الصدمة أو الكرب Posttraumatic Stress Disorder (PTSD) هو عبارة عن حالة نفسية يعاني منها العديد من الأشخاص الذين تعرضوا إلى موقف صادم أو تجربة مؤلمة مثل ( الحوادث الخطيرة والاعتداءات والكوارث الطبيعية) ويندرج هذا النوع من الاضطرابات ضمن مجموعة من الاضطرابات متعلقة بالضغط والصدمات وذلك وفقًا للدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5).

ما هي أعراض اضطراب ما بعد الصدمة؟

هناك الكثير من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) وذلك وفقًا للدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5) حيث يقوم بتقسيمها إلى أربع فئات رئيسية:

أعراض الاقتحام (Intrusion):

1. استمرار ظهور ذكريات متكررة عن الموقف الصادم بشكل غير أرادي.
2. تكرار المعاناة من الكوابيس التي تحاكي التجربة المؤلمة.
3. استرجاع عنيف للموقف الصادم وكأن الشخص يعيشه مجددًا.
4.  الشعور بالانزعاج عند التعرض لأحد المؤثرات المرتبطة بالموقف أو تجربة.

تغييرات في اليقظة وردود الفعل العصبية:

1. المعاناة من فرط اليقظة أي التأهب في حالة حدوث أي تهديد أو خطر.
2. المعاناة من نوبات من الغضب.
3. القيام بسلوكيات عدوانية.
4. عدم القدرة على التركيز.
5. إيجاد صعوبة في النوم والمعاناة من الأرق.
6. القيام بسلوكيات مدمرة للذات مثل تعاطي المخدرات.

أعراض التجنب:

1. محاولة تجنب جميع الأشخاص والأماكن التي تذكر الشخص بالموقف الصادم.
2. الابتعاد عن الأفكار والأحاديث المرتبطة بالحادث أو الموقف الأليم.

التأثيرات السلبية في الأفكار والمزاج:

1. فقدان القدرة على مشاركة الآخرين في أي أنشطة.
2. الشعور بالعديد من المشاعر السلبية مثل الشعور بالذنب والخوف والغضب.
3. فقدان المشاعر الإيجابية.
4. المعاناة من مشاعر الوحدة والشعور بالغربة.
5. وجود تشويش في الذاكرة خاصة الذكريات المرتبطة بالموقف.

ما هي اسباب اضطراب ما بعد الصدمة؟

وفقًا للدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5) فأن أسباب اضطراب ما بعد الصدمة تتضمن تعرض الشخص لأحد المواقف الخطيرة مثل الاعتداءات الجنسية أو كارثة طبيعية أو المرور بتجربة مؤلمة وحزينة مثل فقدان أحد الأشخاص المقربين، كما أن هناك مجموعة من العوامل الأساسية التي تساهم في تطور اضطراب ما بعد الصدمة، ومنها:

1. التعرض لأحداث صادمة مفاجئة أو طويلة الأمد مثل الموجودة في الحروب أو التعرض لاعتداءات مختلفة لفترات طويلة أو التعرض للكوارث الطبيعية أو الحوادث الخطيرة.
2. التعرض المستمر لتفاصيل القضايا المؤلمة مثل العمل في المهن التي تتعرض لصدمات متكررة كالمسعفين والجنود).
3. وجود تاريخ سابق من الصدمات الحياتية مثل إساءة المعاملة في الطفولة.
4. وجود تاريخ عائلي لاضطرابات صحية عقلية كالاكتئاب أو القلق.
5. فقدان الدعم الاجتماعي من الأسرة أو الأصدقاء.
6. سمات شخصية الفرد قد تجعل الفرد أكثر عرضة للتأثر بالصدمات.

ما هو الفرق بين الصدمة النفسية واضطراب ما بعد الصدمة؟

الفرق بين الصدمة النفسية واضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) وفقًا للدليل التشخيصي DSM-5 فهو استجابة طبيعية عند تعرض الشخص لحدث صادم أو موقف خطير مما يسبب في توتر وخوف مؤقت للشخص ويزول مع مرور الوقت، بينما اضطراب ما بعد الصدمة فهي حالة نفسية تستمر لفترة طويلة ويصاحبها العديد من الأعراض الشديدة وعدم القدرة على السيطرة عليها.

وتشير بعض أبحاث علم النفس الحديثة أن الصدمة النفسية الناتجة من موقف مؤلم أو حادث شديد إذا لم تتحسن الحالة أو تفاقمت الأعراض يمكن أن تتطور إلى اضطراب ما بعد الصدمة.

هل هناك خطة علاجية لاضطراب ما بعد الصدمة؟

نعم، هناك العديد من الخطط العلاجية التي يلجأ لها الأطباء وذلك وفقًا لطبيعة وشدة الاضطراب عند الشخص، إلا أنها تعتمد على شقين أساسيين وهما:

العلاج النفسي: يعتمد بشكل أساسي على العلاج السلوكي المعرفي CBT  الذي يركز على الصدمات هو يعتبر من أفضل العلاجات الفعالة الذي ويشمل تعليم المريض عن الاستجابة للصدمة و تعديل الأفكار السلبية المرتبطة بالحادث والتعرض التدريجي للذكريات أو المواقف التي تثير الأعراض (العلاج بالتعرض) بالإضافة إلى بعض العلاجات النفسية الأخرى مثل العلاج الإدراكي السلوكي والعلاج الجماعي.

العلاج الدوائي: وهي مجموعة من الأدوية يصفها الطبيب النفسي من أجل تقليل بعض الأعراض التي يعاني منها مريض اضطراب ما بعد الصدمة مثل مضادات الاكتئاب ومثبتات المزاج ومضادات الذهان غير التقليدية وبعض الأدوية التي تساعد على النوم وتحسين التركيز.

هل يمكن الشفاء من اضطراب ما بعد الصدمة؟

نعم، يمكن الشفاء من اضطراب ما بعد الصدمة وخاصة مع التزام المريض في الحصول على العلاج المبكر سواء العلاج النفسي الذي يركز على الصدمات وتعديل السلوك وبين العلاج الدوائي الذي يساعد على تخفيف الأعراض المصاحبة للاضطراب مثل الاكتئاب والقلق.