"ابني دايماً لوحده!".. اكتشف الكنز المخفي داخل "الطفل الانطوائي" وتوقف عن محاولة إصلاحه
"ابني دايماً لوحده!".. اكتشف الكنز المخفي داخل "الطفل الانطوائي" وتوقف عن محاولة إصلاحه

عزيزتي الأم، عزيزي الأب.. اهدأوا قليلاً. طفلكم ليس مريضاً، وليس "معقداً"، ولا يحتاج إلى "إصلاح". هو ببساطة يمتلك شخصية من نوع خاص جداً تسمى الشخصية الانطوائية.
في عالمنا الصاخب الذي يقدس الصوت العالي والاجتماعيات، يُظلم هؤلاء الأطفال الهادئون. في هذا المقال، سنغير نظارتك التي ترى بها طفلك، وسنعلمك كيف تحافظ على الصحة النفسية للطفل الانطوائي وتفجر طاقاته الكامنة بدلاً من تدميرها بالضغط
1. انطوائي أم خجول؟ الفرق كبير جداً!
أول خطأ نقع فيه هو الخلط بين "الانطواء" و"الخجل".
*الطفل الخجول: يريد اللعب مع الأطفال لكنه "خائف" من حكمهم عليه. هذا يحتاج تشجيعاً لكسر حاجز الخوف
*الطفل الانطوائي: هو لا يخاف، هو ببساطة "مكتفٍ" بذاته. طاقته تُشحن عندما يكون وحده، وتُستنزف عندما يكون وسط الزحام
تخيل طفلك مثل "الهاتف المحمول". الطفل الاجتماعي يشحن بطاريته بالتواجد وسط الناس، أما طفلك الانطوائي فبطاريته تُشحن في الهدوء، وتفرغ بسرعة في الضوضاء. لذا، رغبته في الجلوس وحيداً هي "حاجة بيولوجية" وليست مرضاً نفسيا
2. توقف عن "الاعتذار" نيابة عنه
أكثر ما يجرح نفسية الطفل هو أن يسمعك تقولين للضيوف: "معلش أصل هو مكسوف شوية" أو "مش بيحب يسلم".
هذه الجمل هي خناجر صغيرة تغرسينها في ثقته بنفسه. أنتِ هنا تخبرينه (وتخبرين العالم) أن "به عيباً" يجب تبريره.
بدلاً من ذلك، تقبلي طبيعته بفخر. لا تجبريه على تقبيل الغرباء أو الحديث معهم إذا لم يرد. علميه الأدب (إلقاء السلام) ولكن لا تجبريه على "الدردشة". احترامي لمساحته الخاصة هو ما سيبني شخصيته القوية مستقبلاً
3. كيف تخرجين "الكنز" من داخله؟
الأطفال الانطوائيون غالباً ما يكونون مفكرين عميقين، مبدعين، وملاحظين من الطراز الأول. أينشتاين، بيل غيتس، وكُتاب كبار كانوا انطوائيين.
للتعامل مع الطفل الهادئ بذكاء
*امنحيه وقتاً للتحضير: لا تفاجئيه بخروجة مليئة بالناس. أخبريه قبلها: "سنذهب لبيت جدتك وسيكون هناك الكثير من الناس، يمكننا البقاء لساعتين ثم نعود لهدوئنا
*ركن الهدوء: خصصي له مكاناً في البيت (خيمة صغيرة، كرسي مريح) يلجأ إليه عندما يشعر بالضغط، واتفقي مع باقي إخوته: "عندما يكون فلان هنا، لا أحد يزعجه
*الاستماع العميق: هو لا يتكلم كثيراً، لكن عندما يتكلم، فإنه يقول درراً. أنصتي له باهتمام ولا تقاطعيه، فهذا يشجعه على مشاركة عالمه الداخلي معك.
4. المدرسة.. الكابوس المحتمل
النظام المدرسي مصمم للأطفال الاجتماعيين (مشاريع جماعية، رفع اليد، ضوضاء الفسحة). هنا قد يعاني طفلك ويُوصف بأنه "منعزل".
دورك هنا هو التحدث مع المعلمين: "ابني يستوعب أكثر بالملاحظة، وعدم رفع يده لا يعني أنه لا يفهم". كوني أنتِ محاميه وصوته حتى يشتد عوده. ولا تضغطي عليه ليكون "شعبياً" في الفصل، صديق واحد مخلص يكفي جداً لطفل انطوائي ليشعر بالسعادة
رسالة من القلب
ابنك الانطوائي يمتلك قوة خفية؛ هي قوة الهدوء في عالم يضج بالصراخ. هو الحكيم الصغير الذي يرى ما لا يراه الآخرون.
لا تحاولي تغييره ليصبح نسخة من أخيه الاجتماعي. سقيه بالقبول والحب، وستنبهرين بالزهرة النادرة التي ستتفتح أمام عينيك. هو ليس ناقصاً ليكمل.. هو مختلف، والاختلاف رحمة وجمال