"الفرعون الصغير".. هل ابنك نرجسي أم مجرد مدلل؟ دليلك لإنقاذه من "سجن الأنا" قبل فوات الأوان
"الفرعون الصغير".. هل ابنك نرجسي أم مجرد مدلل؟ دليلك لإنقاذه من "سجن الأنا" قبل فوات الأوان

هل تشعر أحياناً أنك لا تربي طفلاً، بل تخدم "إمبراطوراً" صغيراً في المنزل؟
يطلب طلبات تعجيزية ولا يقبل الرفض، لا يتعاطف معك إذا كنت مريضاً أو متعباً، يرى نفسه مركز الكون وأن الجميع خُلقوا لخدمته، ولا يشعر بالذنب أبداً مهما أخطأ!
إذا كانت هذه السطور تلمس جرحاً في قلبك، فأنت تواجه تحدياً كبيراً يسمى "السمات النرجسية عند الأطفال".
الأمر مرعب للأهل، فالسؤال الذي يطاردك ليلاً: "هل ربيت وحشاً؟".
اطمئن، الحديث عن الصحة النفسية للطفل النرجسي في سن مبكرة يعني أن هناك "أمل". فالنرجسية في الصغر غالباً ما تكون سلوكاً مكتسباً يمكن تعديله قبل أن يتحول إلى "اضطراب شخصية" دائم في الكبر.
في هذا المقال، سنضع النقاط على الحروف، ونفرق بين الدلال والنرجسية، ونرسم خطة إنقاذ لنفسية ابنك (ونفسيتك أنت أيضاً)
1. النرجسي vs المدلل.. شعرة معاوية
كثير من الآباء يخلطون بين الاثنين. الطفل المدلل قد يصرخ ليحصل على لعبة، لكنه قد يحزن إذا رآك تبكي.
أما الطفل النرجسي، فلديه علامة مميزة وخطيرة جداً: غياب التعاطف (Lack of Empathy).
هو لا يدرك أن الآخرين لديهم مشاعر. إذا قلت له "أنا مريض"، قد يرد عليك "وماذا عن عشائي؟". هو يرى الناس "أشياء" تستخدم وليست بشراً. إدراكك لهذه النقطة هو أول طريق العلاج؛ ابنك لا يحتاج فقط لـ "تهذيب"، بل يحتاج لدروس في "الإنسانية".
2. نحن من نصنع "الأصنام".. خطأ التربية القاتل
بكل حب، ودون قصد، قد نكون نحن السبب.
المدح المبالغ فيه مثل: "أنت أفضل طفل في العالم"، "أنت أمير"، "لا أحد مثلك"، يضخم الـ "Ego" أو الأنا عند الطفل بشكل مرضي.
عندما نجعله يصدق أنه "استثنائي" وفوق القوانين التي تسري على البشر العاديين، نحن نزرع بذرة النرجسية.
الحل: امدح "المجهود" لا "الشخص". بدلاً من "أنت عبقري"، قل "أنت ذاكرت بجد". علميه أنه مميز، لكنه ليس أهم من غيره، وأن القوانين في البيت تسري عليه كما تسري على الجميع
3. كسر شوكة "الأنا" بتعليم التعاطف
علاج النرجسية ليس بالعقاب الجسدي (الذي قد يزيده عناداً وغروراً)، بل بتنمية الشعور بالآخر.
اجعل التعاطف جزءاً من حواركم اليومي. عندما يرى طفلاً يبكي في التلفاز، اسأله: "تفتكر هو حاسس بإيه دلوقت؟".
إذا أهانتك تصرفاته، لا تمرر الموقف بصمت. قفي وقولي بجدية: "كلامك هذا جرحني، أنا لا أقبل أن تتحدث معي هكذا". اجعله يواجه نتيجة أفعاله العاطفية على الآخرين، ولا تحميه من الشعور بالذنب الصحي.
4. توقف عن التضحية.. أنت لست "خادماً"
الطفل النرجسي يتغذى على تضحيات والديه. كلما أعطيته وتنازلت عن حقوقك، زاد هو طغياناً.
من أجل الصحة النفسية لك ولابنك، ارسم حدوداً فولاذية.
من حقك أن تقول: "لا، لن أشتري لك هذا لأن الميزانية لا تسمح"، أو "أنا متعبة الآن ولن أقوم بخدمتك، يمكنك خدمة نفسك".
في البداية سيثور كالثور الهائج (لأنك سحبت الامتيازات)، لكن مع الصبر والثبات، سيبدأ حجمه الطبيعي في العودة، وسيدرك أن العالم لا يدور حوله.
5. متى نحتاج لطبيب؟
إذا لاحظت أن سلوكياته تتطور نحو "القسوة" (مثل إيذاء الحيوانات والاستمتاع بذلك، أو التنمر الوحشي على أقرانه دون أدنى ذرة ندم)، فهنا الأمر يتجاوز التربية المنزلية.
في هذه الحالة، استشارة أخصائي تعديل سلوك أو طبيب نفسي ضرورة قصوى. التدخل المبكر هو طوق النجاة قبل أن تصبح هذه الصفات جزءاً أصيلاً من شخصيته يستحيل تغييره في الكبر.
كلمة أخيرة من القلب
ابنك ليس "شريراً"، هو طفل ضل الطريق في فهم نفسه ومكانته في العالم.
مهمتك ليست سهلة، فهي تتطلب حزماً ممزوجاً بالحب، وتتطلب منك أن تتوقف عن إشعاره بأنه "مركز الكون".
أن تربي طفلاً متواضعاً، رحيماً، ويشعر بآلام الناس، أفضل ألف مرة من أن تربي "ناجحاً" يدوس على قلوب الجميع.