"زهقت من الأدوية!".. كيف تتصالح مع "ضيفك الثقيل" (المرض المزمن) وتحمي نفسيتك من الانهيار؟
"زهقت من الأدوية!".. كيف تتصالح مع "ضيفك الثقيل" (المرض المزمن) وتحمي نفسيتك من الانهيار؟

الإصابة بمرض مزمن ليست مجرد "وعكة صحية"، بل هي زلزال يضرب استقرارك النفسي. أنت لا تعاني فقط من ألم الجسد، بل تعاني من ألم الروح، الخوف من المستقبل، والشعور بأنك أصبحت "أسيراً" لروتين علاجي ممل.
الاهتمام بـ الصحة النفسية لمرضى الأمراض المزمنة ليس رفاهية، بل هو "نصف الدواء". فالحزن والاكتئاب هما الوقود الذي يُشعل المرض ويجعله أشرس.
1. الصدمة والإنكار.. (من حقك أن تغضب)
أول ما يواجه المريض هو صدمة التشخيص. "أكيد التحاليل غلط"، "أنا لسه صغير على الكلام ده".
هذه مشاعر طبيعية جداً. أنت تمر بمراحل "حزن" على صحتك القديمة.
لا تكبت مشاعرك. ابكِ إذا أردت، اغضب، واصرخ. تفريغ هذه الشحنة هو أول خطوة للتعافي النفسي. الكبت يولد "الضغط العصبي"، والضغط العصبي يرفع السكر ويؤذي القلب، فندخل في دائرة مفرغة لا تنتهي.
2. المرض ليس "هويتك".. أنت لست ملفاً طبياً
أخطر فخ يقع فيه أصحاب الأمراض المزمنة هو أنهم يسمحون للمرض بتعريفهم.
تجد الشخص يقول: "أنا مريض سكر". لا، أنت "إنسان" لديه سكر.
أنت فلان الذي يحب الرسم، أو السفر، أو الضحك، ولديك (على الهامش) حالة صحية تديرها.
لا تجعل المرض هو محور يومك، ومحور حديثك مع الناس. عندما تحجم المرض وتضعه في مكانه الصحيح (كجزء صغير من حياتك الكبيرة)، ستشعر بـ راحة نفسية هائلة وتستعيد السيطرة.
3. تعامل معه كـ "ضيف ثقيل"
بما أن المرض "مزمن"، فهذا يعني أنه سيقيم معك لفترة طويلة.
تخيل أنه "ضيف ثقيل الظل" أجبرت على السكن معه. إذا حاربته يومياً، سيكسر أثاث بيتك (جسدك). وإذا تجاهلته تماماً، سيحرق البيت.
الحل الذكي هو "التعايش السلمي".
عامل جسدك بلطف. "سآخذ الدواء ليس لأنني مريض، بل لأنني أحب جسدي وأريد أن أحافظ عليه قوياً". تغيير نظرتك للعلاج من "عبء" إلى "رعاية ذاتية" يغير كيمياء مخك تماماً ويقلل من مقاومة النفسية للعلاج.
4. احذر من "عزلة الألم"
الألم المزمن قد يدفعك للانعزال: "لا أريد أن أكون عبئاً على أحد"، "لن يفهموا وجعي".
الوحدة هي البيئة الخصبة للاكتئاب. والاكتئاب يضعف المناعة.
ابحث عن "قبيلتك". انضم لمجموعات دعم (على الفيسبوك أو في الواقع) لأشخاص لديهم نفس حالتك. الحديث مع شخص يمر بنفس معاناتك، ويضحك على نفس النكات المتعلقة بالمرض، يزيل عن كاهلك جبلاً من الهموم. ستكتشف أنك لست وحدك، وأن هناك من يعيش حياة سعيدة ومنتجة رغم المرض.
5. متى تطلب المساعدة؟
هناك فرق بين "الحزن العابر" و"الاكتئاب المرضي".
إذا شعرت بفقدان الرغبة في الحياة، اضطرابات شديدة في النوم، أو إهمال تام لأخذ الدواء كنوع من "الانتحار البطيء"، هنا يجب التوقف فوراً.
زيارة طبيب نفسي ليست عيباً. في كثير من الأحيان، يحتاج مريض المرض المزمن لتدخل دوائي بسيط أو جلسات علاج سلوكي ليخرج من نفق اليأس ويعود للتمسك بالحياة.
رسالة أخيرة
مرضك المزمن قد يكون قيداً في يدك، لكنه لا يجب أن يكون قيداً حول عنقك أو قلبك.
الحياة لا تزال مليئة بالتفاصيل الجميلة التي تستحق أن تعاش. تصالح مع جسدك، فهو يحاول المقاومة لأجلك، وساعده بابتسامة وهدوء نفس، فـ الحالة النفسية هي السلاح الخفي الذي يقلب موازين الشفاء.