تأثيرات الدواء الوهمي (placebo) في الطب
تأثيرات الدواء الوهمي (placebo) في الطب
إعداد : محمد أحمد العايد
مقدمة : الدواء الوهمي هو أي شيء يبدو على أنه علاج طبي حقيقي لكنه ليس كذلك حيث يمكن أن يكون حبوب أو حقنة أو أي نوع آخر من العلاج "الزائف", ما تشترك فيه جميع الأدوية الوهمية هو أنها لا تحتوي على مادة فعالة , يستخدم الباحثون الأدوية الوهمية أثناء الدراسات لمساعدتهم على فهم تأثير دواء جديد , على سبيل المثال : قد يتم إعطاء بعض الأشخاص في إحدى الدراسات دواءً جديدًا لخفض الكوليسترول و سيحصل الآخرون على دواء وهمي و لن يعرف أي من الأشخاص في الدراسة ما إذا كان قد حصل على العلاج الحقيقي أم الدواء الوهمي , ثم يقارن الباحثون آثار الدواء على الأشخاص في الدراسة , بهذه الطريقة يمكنهم تحديد فعالية الدواء الجديد والتحقق من الآثار الجانبية. ركزت الأبحاث حول تأثير الدواء الوهمي على العلاقة بين العقل والجسم, واحدة من أكثر النظريات شيوعًا هي أن تأثير الدواء الوهمي يرجع إلى توقعات الشخص , إذا كان الشخص يتوقع أن تفعل الحبوب شيئًا ما فمن الممكن أن تسبب آثارًا مشابهة لما قد يسببه الدواء الحقيقي, على سبيل المثال في إحدى الدراسات على مرضى الربو أعطي المرضى دواء انشاقي ولكنه خالي من المادة الفعالة , لم يبدي الاشخاص اداء أفضل في اختبارات التنفس ولكن عندما سأل الباحثون عن تصور الناس لما يشعرون به ، تم الإبلاغ عن أن جهاز الاستنشاق الوهمي فعال مثل الدواء في توفير الراحة. يقول الخبراء أيضًا أن هناك علاقة بين مدى قوة توقع الشخص للحصول على نتائج وما إذا كانت النتائج تحدث أم لا و كلما كان الشعور أقوى ايجابيا زادت احتمالية تعرض الشخص لتأثيرات إيجابية ,الشيء نفسه ينطبق على الآثار السلبية إذا كان الناس يتوقعون حدوث آثار جانبية مثل الصداع أو الغثيان أو النعاس ، فهناك فرصة أكبر لحدوث ردود الفعل هذه.
حقيقة أن تأثير الدواء الوهمي مرتبط بالتوقعات لا يجعله خياليًا أو مزيفًا. تظهر بعض الدراسات أن هناك تغيرات جسدية فعلية تحدث مع تأثير الدواء الوهمي حيث وثقت بعض الدراسات زيادة في إنتاج الجسم للإندورفين ، وهو أحد مسكنات الألم الطبيعية في الجسم. تتمثل إحدى مشكلات الدواء الوهمي في أنه قد يكون من الصعب التمييز بينه وبين التأثيرات الفعلية لعقار حقيقي أثناء الدراسة. قد يساعد إيجاد طرق للتمييز بين تأثير الدواء الوهمي وتأثير العلاج الحقيقي في تحسين العلاج وخفض تكلفة اختبار الدواء وقد تؤدي المزيد من الدراسات أيضًا إلى طرق لاستخدام قوة تأثير الدواء الوهمي في علاج المرض. هناك أدلة متزايدة على أن تدخلات العلاج الوهمي تؤثر أيضًا على وظائف الأعضاء التي ينظمها الجهاز العصبي اللاإرادي (ANS) , يوفر ال ANS عبر الألياف الواردة والصادرة اتصالًا دقيقا للغاية بين الأعضاء والدماغ ، لذلك فإن ال ANS هو مرشح للتوسط في تأثيرات تدخلات العلاج الوهمي على وظائف الأعضاء .
كيفية شرح تأثيرات الدواء الوهمي على الوظائف اللاإرادية في تجربة تهدف إلى التحقق مما إذا كان تدخل العلاج الوهمي يمكن أن يخفض ضغط الدم : مشترك متطوع (ضمن مجموعة من الاشخاص لدراسة تأثير الدواء الوهمي ) وهو ذكر يتمتع بصحة جيدة ، بعد ملء بعض الاستبيانات ، طلب منه المجرب الجلوس على كرسي مريح و وضع كم جهاز ضغط الدم حول ذراعه و بدأ المجرب في قياس ضغط الدم كل 5 دقائق مع عدم إخبار المشارك بالنتائج, بعد 30 دقيقة يأخذ المجرب حبة ( خالية من المادة الفعالة )ويطلب من المشارك تناولها ويخبره أنه سيحصل الآن على العلاج الذي سيؤدي إلى انخفاض ضغط الدم , يبتلع المشارك الحبة ويبدأ المجرب في قياس ضغط الدم كل 5 دقائق لمدة نصف ساعة أخرى و بعد مغادرة المشارك للمختبر ، يلاحظ المجرب أن مستويات ضغط الدم الانقباضي قد انخفضت (من 113 إلى 100 ملم زئبقي) ، بينما ظلت مستويات ضغط الدم الانبساطي ومعدل ضربات القلب دون تغيير إلى حد ما , بعض التفاسير لفهم كيفية تأثير الدواء الوهمي : التفسير الأول هو خفض ضغط الدم عن طريق التكيف الشرطي للجسم تجاه الدواء هذا يعني أن الاقتران المتكرر للتأثير الدوائي سيؤدي إلى تأثير مشروط من نفس النوع ، حتى عندما يتم استبدال الدواء بحبوب بدون مادة فعالة ,ومع ذلك لا تنطبق هذه الآلية على مشاركنا الذي لم يسبق له تناول عقار خافض للضغط من قبل. التفسير الثاني المحتمل هو افتراض أن المشارك توقع تأثير عقار خافض للضغط ، وأن هذا التوقع تسبب في تأثير الدواء الوهمي , لقد تم افتراض أن الاقتراحات اللفظية المصاحبة لإعطاء الدواء مثل "هذه الحبة ستخفض ضغط دمك" تنقل معلومات حول الاستجابة اللاإرادية تم افتراض أن البشر قد يكونون متشبثين بطريقة تجعل توقع تجربة ذاتية تنتج تلك التجربة . هنالك اعتقاد أن الالياف الودية الواردة تنتهي في القشر الحزامي الامامي في الدماغ ACC ,هناك أدلة متزايدة تفيد بأن المعلومات في الجزء الخلفي من فص الجزيرة تتكامل مع المعلومات البيئية والتحفيزية والاجتماعية والمعرفية ، مما يؤدي إلى تمثيل "الوعي الذاتي" في فص الجزيرة الأمامي , AIC بدوره مرتبط بشكل مكثف مع ACC عبر عصبونات von-Economo التي تسمح بالتواصل السريع بين المنطقتين.