مرض الجذام.. بين الوصمة والعلاج: هل ما زال يشكل خطرًا؟

مرض الجذام.. بين الوصمة والعلاج: هل ما زال يشكل خطرًا؟

0 المراجعات

رغم التقدم الطبي الهائل الذي شهده العالم خلال العقود الأخيرة، لا يزال مرض الجذام يُمثل تحديًا صحيًا واجتماعيًا في بعض مناطق العالم، خصوصًا في الدول النامية. يُعرف الجذام (Leprosy)، أو ما يُعرف أيضًا بـ"داء هانسن"، بأنه مرض مزمن تسببه بكتيريا تُدعى المتفطرة الجذامية (Mycobacterium leprae)، والتي تؤثر بشكل رئيسي على الجلد، الأعصاب الطرفية، الأغشية المخاطية، والعينين.

ما هو مرض الجذام؟

يُعد الجذام من الأمراض المعدية بطيئة التطور، وقد يستغرق ظهور أعراضه سنوات بعد الإصابة. وهو مرض غير وراثي، لكنه ينتقل من شخص إلى آخر عن طريق الرذاذ الخارج من الأنف أو الفم أثناء السعال أو العطس، خاصة في الحالات طويلة الأمد ومع الاتصال المباشر والمستمر بشخص مصاب غير معالج.

image about مرض الجذام.. بين الوصمة والعلاج: هل ما زال يشكل خطرًا؟
مرض الجذام 

ورغم شدة آثاره على الجسم في حال إهماله، فإن الجذام ليس شديد العدوى مقارنة بأمراض أخرى، كما أن العدوى لا تنتقل بسهولة، وغالبية الناس لديهم مناعة طبيعية ضده.

الأسباب وعوامل الخطر

السبب المباشر للجذام هو بكتيريا المتفطرة الجذامية، وهي قريبة من البكتيريا المسببة للسل. وتزداد احتمالية الإصابة في الأماكن المزدحمة التي تفتقر إلى النظافة، وبين الأشخاص الذين يعانون من نقص في المناعة.

تشمل عوامل الخطر:

  • الاتصال المباشر والمستمر مع شخص مصاب غير معالج
  • العيش في مناطق موبوءة
  • ضعف جهاز المناعة (مثل مرضى الإيدز أو سوء التغذية)

 

الأعراض

تختلف أعراض الجذام تبعًا لنوعه، لكن أبرز العلامات تشمل:

  1. بقع جلدية فاتحة اللون أو مخدّرة
  2. فقدان الإحساس في الأطراف
  3. خدر أو وخز في اليدين والقدمين
  4. ضعف في العضلات
  5. تضخم الأعصاب المحيطية

 

في الحالات المتقدمة، قد يؤدي الجذام إلى تشوهات جسدية، خاصة في الوجه والأطراف، مما يسبب عزلة اجتماعية للمريض بسبب الوصمة المجتمعية المرتبطة به.

 

العلاج

لحسن الحظ، فإن مرض الجذام قابل للعلاج، خاصة عند اكتشافه مبكرًا. وقد وضعت منظمة الصحة العالمية بروتوكولًا لعلاجه باستخدام العلاج المتعدد الأدوية (MDT)، والذي يشمل توليفة من ثلاث مضادات حيوية رئيسية: ريفامبيسين، دابسون، وكلوفازيمين. تستمر مدة العلاج من 6 إلى 12 شهرًا، حسب شدة الحالة.

تُوفر منظمة الصحة العالمية هذا العلاج مجانًا في معظم الدول، وقد ساهمت هذه الجهود في خفض معدلات الإصابة بنسبة كبيرة خلال العقود الماضية.

التوعية هي المفتاح

رغم توفر العلاج وفعاليته، فإن ما يُعيق مكافحة الجذام هو الخوف الاجتماعي والوصمة. فالكثير من المرضى يتأخرون في طلب العلاج خشية العزلة أو التمييز، ما يؤدي إلى تفاقم الأعراض وانتقال المرض.

من هنا، تُعد حملات التوعية الصحية ضرورية لتصحيح المفاهيم الخاطئة، والتأكيد على أن الجذام ليس لعنة كما يُصوّر في بعض الثقافات، بل هو مرض قابل للشفاء.

وفي النهاية، الجذام لم يعد مرضًا غامضًا أو مستعصيًا كما كان في الماضي، لكن التحدي الأكبر الآن هو الجهل به والخوف منه ومع الدعم المجتمعي والطبي، يمكننا القضاء عليه نهائيًا، وتحقيق العدالة الصحية لكل المرضى دون تمييز.

 

 

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

2

متابعهم

0

متابعهم

1

مقالات مشابة