اتجاه «فايبرْمَكْسِنغ (Fibremaxxing)» كيف يُغيّر تناول الألياف حياتنا؟
مقـــدّمـــة :
في عالم الصحة والتغذية، يظهر بين الحين والآخر اتجاه يلفت الأنظار ويحتل صدارة محركات البحث. واليوم، يبرز اتجاه يُعرف بـ «فايبرمكسينغ» (Fibremaxxing) — وهو السعي لرفع كمية الألياف الغذائية اليومية إلى مستويات أعلى مما اعتدنا عليه — ليصبح حديث الباحثين عن نمط حياة صحي أكثر من أي وقت مضى.
لماذا؟ لأنّ الألياف لم تعد مجرد عنصر غذائي جانبيّ، بل باتت محوراً هاماً في تحسين صحة الأمعاء، دعم الهضم، وتعزيز الشعور بالشبع؛ ما يجعلها محط اهتمام متزايد على وسائل التواصل الاجتماعي، في نتائج محركات البحث، وبين خبراء التغذية. في ما يلي، نستعرض هذا الاتجاه من كافة الزوايا: ما هو، لماذا انتشر، ما فوائده، وما ينبغي الحذر منه، وكيف يمكن تبنّيه بأسلوب متوازن.
ما هو فايبرمكسينغ؟
فايبرمكسينغ هو مصطلح جديد نسبياً يشير إلى الالتزام بنظام غذائي يحتوي على كميات أعلى بكثير من الألياف مقارنة بالمقاييس التقليدية، والمنشغلين بصحتهم الهضمية. ويتضمّن هذا الاتجاه تناول البقوليات (مثل الحمص)، البذور (مثل الشيا)، أنواع الحبوب الكاملة، والمزيد من الفواكه والخضروات الغنية بالألياف. مثلاً، ارتفع مبيعات البرقوق المجفّف (“prunes”) بنسبة 60٪ في سنة لدى بعض الفئات، نتيجة هذا الاهتمام، وبخلاف فقط تناول الألياف “بما يكفي”، فالفكرة هنا هي رفع الكمية إلى مستويات يُشار إليها كمثيرة للاهتمام (“maxxing”).
لماذا تصدّر هذا الاتجاه محركات البحث؟
- أولاً، لأنّ الاهتمام بصحة الأمعاء والجهاز الهضمي في تزايد مستمر: حوالي 43٪ من المستهلكين في الولايات المتحدة صاروا يضعون صحة الأمعاء ضمن أولوياتهم.
- ثانياً، فقد اقتحم هذا الموضوع وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصاً بين جيل Z، عبر “ترندات” التغذية والصحة المصغّرة، ما دفع الناس إلى البحث عن “ما هي الألياف؟” و”كيف أزيد من الألياف؟”.
- ثالثاً، في ظلّ انتشار أنماط الحياة المستقرة وتناول الأطعمة المصنعة، يظهر تراجع في جودة الهضم والراحة الهضمية، ما يجعل الناس تبحث عن حلول طبيعية — والألياف ظهرت كإحدى هذه الحلول.
- رابعاً، محركات البحث تتعقّب التوجّهات الغذائية الجديدة بشكل سريع، وعندما يبدأ مصطلح مثل “fibremaxxing” بالانتشار، يبدأ التصدر في نتائج البحث والمقالات التوعوية.

الفوائد المحتملة لفايبرمكسينغ:
تحسين حركة الأمعاء وتقليل مشاكل الإمساك، بفضل الدور المعروف للألياف في دعم “الكمية والحجم” للبراز مما يُسهّل مروره.
دعم صحة الميكروبيوم المعوي: تناول الألياف يساعد على نمو البكتيريا المفيدة التي تتغذى عليها، مما قد يكون له تأثيرات على المناعة والميكروبيوم العام.
زيادة الشعور بالشبع وبالتالي قد تساعد في التحكم في الوزن أو تقليل الإفراط في تناول الطعام.
خفض بعض مخاطر الأمراض المزمنة مثل سرطان القولون أو اضطرابات التمثيل الغذائي، كما تشير بعض الدراسات إلى أهمية الألياف في هذا الجانب.
الجانب النفسي أيضاً: الشعور بأنّ “أنا أتناول شيئاً صحياً” يدعّم التزام الشخص بنمط حياة أكثر وعياً.
التنبهات والتحذيرات — ما لا يجب تجاهله
كمية الألياف العالية فجأة قد تؤدي إلى انتفاخ، غازات، أو حتى اضطراب في الهضم لبعض الأشخاص، خصوصاً إن لم ترافقها زيادة كافية في شرب الماء.
هناك خطر “الإفراط” أو التركيز على جانب واحد (أي الألياف فقط) مع إهمال باقي مكونات الغذاء من البروتين، الدهون الصحية، الفيتامينات والمعادن.
يجب الحذر من أن يُصبح “ترند” فقط دون استشارة طبية أو تغذوية، لأن بعض الحالات (مثل القولون التشنجي، بعض أمراض الأمعاء الالتهابية) قد لا تتحمّل الكميات الكبيرة من الألياف.
ولا ينبغي الاعتماد فقط على الألياف كمفتاح وحيد للصحة، بل تأتي ضمن منظومة غذائية ونمط حياة متوازن.
كيف يمكن تبني فايبرمكسينغ بطريقة صحيحة؟
- ابدأ تدريجياً: إذا كنت تتناول مثلاً 15 جم ألياف يومياً، فابدأ بزيادة إلى 20‑25 جم، ثم 30 جم أو أكثر حسب قدرة جسمك وتحمله.
- اختر مصادر متنوعة: الحبوب الكاملة، الفواكه، الخضروات، البقوليات، البذور والمكسرات — فالتنوّع مهم.
- اشرب كمية كافية من الماء: لأنّ الألياف تحتاج إلى سائل لتنتفخ وتسهل مرور الطعام، وإلا قد تؤدّي إلى عكس النتيجة.
- راقب الاستجابة الجسدية: إن شعرت بانتفاخ شديد أو ألم، قلّل الكمية أو استشر مختصّ تغذية.
- اجعلها جزءاً من أسلوب شامل: لا تركز فقط على الألياف، بل جنبها حركة بدنية كافية، نوم جيد، تقليل الأطعمة المصنعة، وتحكّم بالسكر والدهون غير الصحية.
خاتمة:
بات من الواضح أنّ اتجاه فايبرمكسينغ ليس مجرد “موضة” عابرة، بل يعكس تغيّراً في وعي الناس نحو صحة الأمعاء والجهاز الهضمي، ويُظهِر كيف أنّ الغذاء البسيط يمكن أن يحتل موقعاً بارزاً في النتائج البحثية وعلى وسائل التواصل. ومع ذلك، فإنّ الألياف — مثلها مثل أي مكوّن غذائي — يجب التعامل معها بحكمة. فالاعتدال، التنوّع، والوعي هي المفاتيح. إن رغبت في تجربة هذا الاتجاه، اجعلها بداية لرحلة أوسع نحو صحة أفضل، وليس مجرد اقتباس سريع لترند في النهاية، البحث لا يقتصر على “ما الجديد؟” بل على “ما الأنسب لي؟”.