
مرض البروستات : مرض العصر
مقالة طبية شاملة حول مرض البروستات
مقدمة: تعريف البروستات ووظيفتها
البروستات هي غدة صغيرة بحجم حبة الجوز، تعد جزءًا أساسيًا من الجهاز التناسلي الذكري. تقع هذه الغدة أسفل المثانة مباشرةً وتحيط بالجزء العلوي من الإحليل (الأنبوب الذي ينقل البول والسائل المنوي إلى خارج الجسم). على الرغم من صغر حجمها، تلعب البروستات دورًا حيويًا في وظائف الجهاز التناسلي والبول لدى الرجل.
تتمثل الوظيفة الرئيسية للبروستات في إفراز سائل حليبي اللون يشكل جزءًا كبيرًا من السائل المنوي. هذا السائل غني بالمواد المغذية التي تساعد على تغذية الحيوانات المنوية وحمايتها، مما يضمن بقاءها ونشاطها أثناء رحلتها نحو البويضة. كما يحتوي هذا السائل على إنزيمات تساعد على تسييل السائل المنوي بعد القذف، مما يسهل حركة الحيوانات المنوية. بالإضافة إلى ذلك، تساهم عضلات البروستات في دفع السائل المنوي إلى الإحليل أثناء القذف.
بسبب موقعها الاستراتيجي حول الإحليل، يمكن لأي تغير في حجم أو صحة البروستات أن يؤثر بشكل مباشر على وظائف التبول والقذف. ومع تقدم الرجل في العمر، تصبح البروستات أكثر عرضة للإصابة بمجموعة من الأمراض الشائعة التي قد تؤثر على جودة حياة الرجل وصحته العامة.
أمراض البروستات الشائعة
تتعرض غدة البروستات لعدد من الأمراض الشائعة التي تزداد احتمالية الإصابة بها مع تقدم العمر. من أبرز هذه الأمراض:
1. تضخم البروستات الحميد (Benign Prostatic Hyperplasia - BPH)
تضخم البروستات الحميد هو حالة غير سرطانية تتميز بنمو غير طبيعي لخلايا البروستات، مما يؤدي إلى زيادة حجم الغدة. يُعد هذا التضخم شائعًا جدًا بين الرجال مع تقدمهم في العمر؛ فبينما تبلغ نسبة انتشاره حوالي 2.7% للرجال في الفئة العمرية 45-49 عامًا، ترتفع هذه النسبة لتصل إلى 90% لدى الرجال فوق سن الثمانين.
الأسباب والآلية:
السبب الدقيق لتضخم البروستات الحميد ليس مفهومًا بالكامل، ولكن يُعتقد أنه يرتبط بالتغيرات الهرمونية التي تحدث مع الشيخوخة، خاصةً التوازن بين هرموني التستوستيرون (الهرمون الذكري) والإستروجين (الهرمون الأنثوي). مع تقدم العمر، قد تزداد نسبة الإستروجين في جسم الرجل، مما قد يحفز نمو خلايا البروستات. كما أن هرمون ديهيدروتستوستيرون (DHT)، وهو مشتق قوي من التستوستيرون، يلعب دورًا رئيسيًا في نمو البروستات، ويُعتقد أن ارتفاع مستوياته أو زيادة حساسية خلايا البروستات له قد يسهم في التضخم.
تؤدي زيادة حجم البروستات إلى الضغط على الإحليل الذي يمر عبرها، مما يعيق تدفق البول من المثانة. هذا الانسداد الجزئي أو الكلي يسبب مجموعة من الأعراض البولية المزعجة.
2. التهاب البروستات (Prostatitis)
التهاب البروستات هو حالة شائعة تصيب الرجال في مختلف الأعمار، وخاصة بين سن 30 و 50 عامًا. يمكن أن يكون الالتهاب حادًا أو مزمنًا، وينجم عن عدوى بكتيرية أو أسباب غير بكتيرية.
الأسباب والآلية:
•التهاب البروستات البكتيري الحاد والمزمن: يحدث هذا النوع عادةً نتيجة لعدوى بكتيرية تنتقل إلى البروستات، غالبًا من المسالك البولية أو مجرى البول. يمكن أن تكون البكتيريا المسببة هي نفسها التي تسبب التهابات المسالك البولية الشائعة. في الحالات الحادة، تظهر الأعراض بشكل مفاجئ وشديد، بينما في الحالات المزمنة، تكون الأعراض أقل حدة وتستمر لفترة طويلة أو تتكرر.
•التهاب البروستات غير البكتيري (متلازمة الألم الحوضي المزمن): في هذا النوع، لا توجد عدوى بكتيرية واضحة. يُعتقد أن أسبابه قد تكون متعددة ومعقدة، وتشمل عوامل مثل الإجهاد، التلف العصبي في منطقة الحوض، اضطرابات الجهاز المناعي، أو حتى تقلصات عضلات الحوض. يمكن أن يؤدي هذا النوع إلى ألم مزمن في منطقة الحوض وأعراض بولية مشابهة للالتهاب البكتيري، ولكنه لا يستجيب للمضادات الحيوية.
تؤدي عملية الالتهاب، سواء كانت بكتيرية أو غير بكتيرية، إلى تورم وتهيج في غدة البروستات، مما يسبب الألم ومجموعة من الأعراض البولية والجنسية.
3. سرطان البروستات (Prostate Cancer)
سرطان البروستات هو نمو غير منضبط للخلايا في غدة البروستات. يُعد هذا النوع من السرطان ثاني أكثر أنواع السرطان شيوعًا بين الرجال على مستوى العالم، وهو السبب الخامس للوفاة بالسرطان بين الرجال. غالبًا ما ينمو ببطء وقد لا يسبب أعراضًا في مراحله المبكرة.
الأسباب والآلية:
السبب الدقيق لسرطان البروستات غير مفهوم تمامًا، ولكن يُعتقد أنه ينشأ نتيجة لتغيرات في الحمض النووي (DNA) لخلايا البروستات، مما يؤدي إلى نموها وانقسامها بشكل غير طبيعي. هناك عدة عوامل خطر تزيد من احتمالية الإصابة بسرطان البروستات:
•العمر: يُعد التقدم في العمر عامل الخطر الرئيسي، حيث تزداد احتمالية الإصابة بشكل كبير بعد سن الخمسين.
•التاريخ العائلي: وجود تاريخ عائلي للإصابة بسرطان البروستات (خاصة الأب أو الأخ أو الابن) يزيد من خطر الإصابة.
•العرق: الرجال من أصول أفريقية أكثر عرضة للإصابة بسرطان البروستات وأكثر عرضة للإصابة بأشكال أكثر عدوانية من المرض.
•النظام الغذائي: يُعتقد أن النظام الغذائي الغني بالدهون المشبعة واللحوم الحمراء قد يزيد من خطر الإصابة، بينما قد يقلل النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضروات من هذا الخطر.
•التغيرات الجينية: بعض الطفرات الجينية الموروثة، مثل تلك الموجودة في جينات BRCA1 و BRCA2، قد تزيد من خطر الإصابة.
تتطور الخلايا السرطانية في البروستات ببطء في معظم الحالات، وقد تظل محصورة داخل الغدة لسنوات عديدة. ومع ذلك، في بعض الحالات، يمكن أن تكون الخلايا السرطانية أكثر عدوانية وتنتشر بسرعة إلى أجزاء أخرى من الجسم، مثل العظام أو العقد الليمفاوية، مما يؤدي إلى ظهور أعراض أكثر خطورة.
عوامل الخطر التي تزيد احتمالية الإصابة
بالإضافة إلى العوامل المذكورة لكل مرض على حدة، هناك عوامل خطر عامة تزيد من احتمالية الإصابة بأمراض البروستات بشكل عام:
•العمر: يُعد التقدم في العمر عامل الخطر الأهم لمعظم أمراض البروستات، خاصة تضخم البروستات الحميد وسرطان البروستات.
•التاريخ العائلي: وجود تاريخ عائلي للإصابة بأمراض البروستات، وخاصة سرطان البروستات، يزيد من خطر الإصابة.
•النظام الغذائي: يُعتقد أن النظام الغذائي الغني بالدهون المشبعة واللحوم الحمراء، وقليل الألياف والفواكه والخضروات، قد يزيد من خطر الإصابة.
•السمنة: ترتبط السمنة بزيادة خطر الإصابة بتضخم البروستات الحميد وسرطان البروستات.
•الالتهابات المتكررة: قد تزيد الالتهابات المتكررة في البروستات من خطر الإصابة بتضخم البروستات الحميد وربما سرطان البروستات على المدى الطويل.
•التعرض للمواد الكيميائية: بعض الدراسات تشير إلى أن التعرض لبعض المواد الكيميائية قد يزيد من خطر الإصابة بسرطان البروستات.
•السكري وأمراض القلب: قد تزيد بعض الحالات الصحية المزمنة مثل السكري وأمراض القلب من خطر الإصابة بتضخم البروستات الحميد.
الأعراض والعلامات
تختلف الأعراض والعلامات التي قد تظهر على الرجل المصاب بمرض في البروستات باختلاف نوع المرض ومرحلته. من المهم ملاحظة أن بعض الأعراض قد تكون متشابهة بين الأمراض المختلفة، مما يستدعي استشارة الطبيب للتشخيص الدقيق.
1. أعراض تضخم البروستات الحميد (BPH)
تنشأ أعراض تضخم البروستات الحميد بشكل أساسي نتيجة لضغط البروستات المتضخمة على الإحليل، مما يعيق تدفق البول. تشمل الأعراض الشائعة:
•أعراض بولية انسدادية:
•صعوبة في بدء التبول (تردد بولي).
•ضعف أو تقطع في تيار البول.
•الشعور بعدم إفراغ المثانة بالكامل بعد التبول.
•التقطير بعد الانتهاء من التبول.
•أعراض بولية تهيجية:
•الحاجة المتكررة للتبول، خاصة في الليل (التبول الليلي).
•الحاجة الملحة والمفاجئة للتبول.
•ألم أو حرقان أثناء التبول (أقل شيوعًا).
في المراحل المتأخرة، قد يؤدي تضخم البروستات الحميد إلى مضاعفات مثل احتباس البول الحاد، التهابات المسالك البولية المتكررة، تكون حصوات المثانة، أو حتى تلف الكلى.
2. أعراض التهاب البروستات (Prostatitis)
تختلف أعراض التهاب البروستات حسب نوع الالتهاب (حاد أو مزمن، بكتيري أو غير بكتيري):
•التهاب البروستات البكتيري الحاد:
•حمى وقشعريرة.
•آلام في أسفل الظهر، منطقة الحوض، أو الأعضاء التناسلية (الخصيتين، القضيب).
•ألم أو حرقان شديد أثناء التبول.
•كثرة التبول والحاجة الملحة للتبول.
•دم في البول أو السائل المنوي (أقل شيوعًا).
•ألم أثناء القذف.
•التهاب البروستات البكتيري المزمن:
•أعراض بولية متكررة (كثرة التبول، إلحاح بولي، ألم خفيف أثناء التبول).
•ألم خفيف في منطقة الحوض، أسفل الظهر، أو الأعضاء التناسلية.
•ألم أثناء القذف.
•قد تكون الأعراض متقطعة وتظهر وتختفي على فترات.
•التهاب البروستات غير البكتيري (متلازمة الألم الحوضي المزمن):
•ألم مزمن في منطقة الحوض، العجان (المنطقة بين كيس الصفن والشرج)، أسفل الظهر، أو الأعضاء التناسلية.
•أعراض بولية مشابهة لتضخم البروستات الحميد أو التهاب المسالك البولية.
•ألم أثناء القذف أو بعده.
•لا توجد علامات للعدوى البكتيرية.
3. أعراض سرطان البروستات (Prostate Cancer)
في مراحله المبكرة، غالبًا ما لا يسبب سرطان البروستات أي أعراض. عندما تظهر الأعراض، فإنها عادة ما تشير إلى مرحلة متقدمة من المرض أو انتشار السرطان. تشمل الأعراض المحتملة:
•أعراض بولية:
•صعوبة في بدء التبول أو ضعف في تيار البول (مشابهة لأعراض تضخم البروستات الحميد).
•الحاجة المتكررة للتبول، خاصة في الليل.
•دم في البول أو السائل المنوي (علامة متأخرة).
•أعراض أخرى (تشير إلى انتشار السرطان):
•ألم مستمر في العظام (خاصة في الظهر، الوركين، أو الفخذين).
•فقدان الوزن غير المبرر.
•التعب الشديد.
•تورم في الساقين أو القدمين.
•ضعف الانتصاب.
من المهم التأكيد على أن وجود أي من هذه الأعراض لا يعني بالضرورة الإصابة بسرطان البروستات، ولكنها تستدعي زيارة الطبيب للتقييم والتشخيص.
أساليب التشخيص الحديثة
يعتمد تشخيص أمراض البروستات على مجموعة من الفحوصات السريرية والمخبرية والتصويرية، والتي تساعد الطبيب على تحديد طبيعة المشكلة وشدتها. من أبرز أساليب التشخيص الحديثة:
•الفحص الرقمي للمستقيم (Digital Rectal Exam - DRE): يقوم الطبيب بإدخال إصبع مرتدٍ قفازًا ومزلقًا في المستقيم لفحص البروستات. يمكن لهذا الفحص أن يكشف عن أي تضخم، كتل، أو مناطق صلبة غير طبيعية في البروستات. يُعد هذا الفحص بسيطًا وسريعًا، ولكنه قد لا يكون كافيًا للتشخيص الدقيق.
•اختبار مستضد البروستات النوعي (Prostate-Specific Antigen - PSA): هو فحص دم يقيس مستوى بروتين PSA الذي تنتجه خلايا البروستات. ارتفاع مستوى PSA قد يشير إلى وجود مشكلة في البروستات، مثل تضخم حميد، التهاب، أو سرطان. ومع ذلك، فإن ارتفاع PSA لا يعني بالضرورة وجود سرطان، وقد يتطلب الأمر فحوصات إضافية لتأكيد التشخيص.
•خزعة البروستات (Prostate Biopsy): تُعد الخزعة الطريقة الوحيدة لتأكيد تشخيص سرطان البروستات. يتم أخذ عينات صغيرة من أنسجة البروستات باستخدام إبرة رفيعة، ثم يتم فحص هذه العينات تحت المجهر لتحديد وجود الخلايا السرطانية. غالبًا ما يتم توجيه الخزعة بالموجات فوق الصوتية عبر المستقيم (TRUS) لضمان دقة أخذ العينات.
•الموجات فوق الصوتية عبر المستقيم (Transrectal Ultrasound - TRUS): تُستخدم هذه التقنية لتقييم حجم وشكل البروستات، وتوجيه أخذ الخزعات. لا تُستخدم الموجات فوق الصوتية وحدها لتشخيص سرطان البروستات، ولكنها تساعد في تحديد المناطق المشبوهة.
•التصوير بالرنين المغناطيسي متعدد المعايير (Multiparametric MRI - mpMRI): يُعد هذا الفحص من أحدث التقنيات وأكثرها دقة في تشخيص سرطان البروستات. يوفر صورًا مفصلة للبروستات ويساعد في تحديد المناطق المشبوهة التي قد تحتوي على خلايا سرطانية، مما يقلل من الحاجة إلى الخزعات العشوائية ويزيد من دقة الخزعات الموجهة.
•فحوصات البول: تُستخدم للكشف عن وجود التهابات أو دم في البول، والتي قد تكون مؤشرًا على مشاكل في البروستات أو المسالك البولية.
طرق العلاج المتاحة
تعتمد خطة علاج أمراض البروستات على نوع المرض، مرحلته، شدة الأعراض، العمر، والحالة الصحية العامة للمريض. تتوفر مجموعة واسعة من الخيارات العلاجية، تتراوح بين الأدوية والجراحة والعلاجات المساندة.
1. علاج تضخم البروستات الحميد (BPH)
يهدف العلاج إلى تخفيف الأعراض وتحسين تدفق البول. قد لا يحتاج الرجال الذين يعانون من أعراض خفيفة إلى علاج فوري، بل يمكن الاكتفاء بالمراقبة النشطة وتغيير نمط الحياة.
•العلاج الدوائي:
•حاصرات مستقبلات ألفا (Alpha-blockers): تعمل على إرخاء العضلات الملساء في البروستات وعنق المثانة، مما يسهل تدفق البول. أمثلة: تامسولوسين (Tamsulosin)، دوكسازوسين (Doxazosin).
•مثبطات إنزيم 5-ألفا ريدكتاز (5-alpha reductase inhibitors): تعمل على تقليص حجم البروستات عن طريق منع إنتاج هرمون ديهيدروتستوستيرون (DHT). أمثلة: فيناسترايد (Finasteride)، دوتاستيرايد (Dutasteride).
•العلاج المركب: قد يصف الطبيب مزيجًا من حاصرات ألفا ومثبطات 5-ألفا ريدكتاز لتحقيق أفضل النتائج.
•العلاج الجراحي: يُلجأ إليه عندما لا تستجيب الأعراض للعلاج الدوائي أو في حالات المضاعفات. من أبرز الإجراءات الجراحية:
•استئصال البروستات عبر الإحليل (Transurethral Resection of the Prostate - TURP): يُعد المعيار الذهبي للعلاج الجراحي لتضخم البروستات الحميد. يتم إزالة الجزء المتضخم من البروستات باستخدام أداة تدخل عبر الإحليل.
•الاستئصال بالليزر: تستخدم أنواع مختلفة من الليزر لتبخير أو إزالة أنسجة البروستات المتضخمة.
•العلاجات طفيفة التوغل: مثل العلاج بالبخار المائي (Rezum) أو العلاج بالتبريد، والتي تهدف إلى تدمير الأنسجة المتضخمة بأقل تدخل جراحي.
2. علاج التهاب البروستات (Prostatitis)
يعتمد العلاج على نوع الالتهاب وسببه:
•المضادات الحيوية: تُستخدم لعلاج التهاب البروستات البكتيري (الحاد والمزمن). قد تتطلب الحالات المزمنة دورات علاج طويلة بالمضادات الحيوية.
•الأدوية المضادة للالتهاب ومسكنات الألم: لتخفيف الألم والالتهاب.
•حاصرات مستقبلات ألفا: قد تساعد في إرخاء عضلات المثانة والبروستات لتخفيف الأعراض البولية.
•العلاجات المساندة: مثل حمامات المقعدة الدافئة، تغييرات في النظام الغذائي، وتجنب المهيجات (مثل الكافيين والكحول).
3. علاج سرطان البروستات (Prostate Cancer)
تتعدد خيارات علاج سرطان البروستات، وتعتمد على مرحلة السرطان، درجة عدوانيته، عمر المريض، وتفضيلاته الشخصية:
•المراقبة النشطة (Active Surveillance): في حالات السرطان منخفض الخطورة والمحصور في البروستات، قد يوصي الطبيب بالمراقبة النشطة، والتي تتضمن فحوصات منتظمة (PSA، DRE، خزعات متكررة) لمتابعة تطور المرض دون تدخل فوري. يتم اللجوء للعلاج إذا أظهر المرض علامات التقدم.
•العلاج الجراحي (استئصال البروستات الجذري - Radical Prostatectomy): يتم إزالة غدة البروستات بالكامل، بالإضافة إلى الحويصلات المنوية وبعض الأنسجة المحيطة. يمكن إجراء الجراحة بالطريقة المفتوحة، أو بالمنظار، أو بمساعدة الروبوت (الجراحة الروبوتية)، والتي توفر دقة أعلى وفترة تعافٍ أقصر.
•العلاج الإشعاعي: يستخدم أشعة عالية الطاقة لقتل الخلايا السرطانية. يمكن أن يكون إشعاعًا خارجيًا (External Beam Radiation Therapy - EBRT) حيث يتم توجيه الأشعة من خارج الجسم، أو إشعاعًا داخليًا (المعالجة الكثبية - Brachytherapy) حيث يتم زرع حبيبات مشعة صغيرة داخل البروستات.
•العلاج الهرموني (Hormone Therapy): يهدف إلى خفض مستويات هرمون التستوستيرون في الجسم، حيث يعتمد نمو خلايا سرطان البروستات على هذا الهرمون. يمكن أن يكون العلاج الهرموني عن طريق الأدوية التي تمنع إنتاج التستوستيرون أو تمنع تأثيره، أو عن طريق الاستئصال الجراحي للخصيتين (إخصاء جراحي).
•العلاج الكيميائي (Chemotherapy): يستخدم الأدوية لقتل الخلايا السرطانية في جميع أنحاء الجسم. يُستخدم عادة في حالات سرطان البروستات المتقدم الذي انتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم.
•العلاج الموجه (Targeted Therapy): يستهدف جزيئات معينة تشارك في نمو الخلايا السرطانية وبقائها.
•العلاج المناعي (Immunotherapy): يساعد الجهاز المناعي للجسم على التعرف على الخلايا السرطانية ومهاجمتها.
•العلاجات المساندة: تهدف إلى تخفيف الأعراض الجانبية للعلاج وتحسين جودة حياة المريض، مثل إدارة الألم، الدعم النفسي، والعلاج الطبيعي.
نصائح للوقاية والمحافظة على صحة البروستات
على الرغم من أن بعض عوامل الخطر لأمراض البروستات، مثل العمر والتاريخ العائلي، لا يمكن تغييرها، إلا أن هناك العديد من الخطوات التي يمكن للرجال اتخاذها للمساعدة في الحفاظ على صحة البروستات وتقليل خطر الإصابة بالأمراض:
•النظام الغذائي الصحي:
•الإكثار من الفواكه والخضروات: خاصة تلك الغنية بمضادات الأكسدة مثل الليكوبين (الموجود في الطماطم المطبوخة)، والسيلينيوم (الموجود في المكسرات)، والفلافونويدات (الموجودة في الحمضيات والشاي الأخضر). هذه المركبات قد تساعد في حماية خلايا البروستات من التلف.
•الحد من الدهون المشبعة واللحوم الحمراء: قد تزيد هذه الأطعمة من خطر الإصابة بسرطان البروستات.
•تناول الأسماك الدهنية: مثل السلمون والسردين، الغنية بأحماض أوميغا 3 الدهنية التي لها خصائص مضادة للالتهاب.
•الحفاظ على وزن صحي: السمنة تزيد من خطر الإصابة بتضخم البروستات الحميد وسرطان البروستات.
•ممارسة النشاط البدني بانتظام: تساعد التمارين الرياضية المنتظمة في الحفاظ على وزن صحي، وتحسين الدورة الدموية، وتقليل الالتهاب، مما قد يسهم في صحة البروستات.
•الحفاظ على ترطيب الجسم: شرب كميات كافية من الماء يساعد في الحفاظ على صحة الجهاز البولي ويقلل من خطر التهابات المسالك البولية التي قد تؤثر على البروستات.
•تجنب التدخين والكحول: يرتبط التدخين بزيادة خطر الإصابة بسرطان البروستات، بينما قد يؤدي الكحول إلى تهيج المثانة والبروستات.
•التبول بانتظام وعدم حبس البول: يساعد ذلك في منع تراكم البكتيريا في المثانة وتقليل الضغط على البروستات.
•الفحوصات الدورية: خاصة للرجال الذين تزيد أعمارهم عن 50 عامًا، أو الذين لديهم تاريخ عائلي لأمراض البروستات. الكشف المبكر عن أي مشكلة يزيد من فرص العلاج الناجح.
•إدارة التوتر: قد يؤثر التوتر المزمن على الصحة العامة، بما في ذلك صحة البروستات.
باتباع هذه النصائح، يمكن للرجال تقليل خطر الإصابة بأمراض البروستات والحفاظ على جودة حياتهم مع تقدم العمر.
الخاتمة
تُعد أمراض البروستات جزءًا لا يتجزأ من صحة الرجل مع تقدمه في العمر، وتتراوح شدتها من حالات حميدة ومزعجة إلى أمراض خطيرة مثل سرطان البروستات. فهم وظيفة هذه الغدة، والتعرف على الأمراض الشائعة التي قد تصيبها، والوعي بعوامل الخطر، والأعراض المبكرة، وأساليب التشخيص الحديثة، وطرق العلاج المتاحة، كلها خطوات أساسية للحفاظ على صحة البروستات والوقاية من المضاعفات.
إن الكشف المبكر والتشخيص الدقيق يمثلان حجر الزاوية في إدارة أمراض البروستات بنجاح. لذا، يُنصح الرجال بإجراء الفحوصات الدورية، خاصة بعد سن الخمسين، والانتباه لأي تغيرات في الأعراض البولية أو الجنسية. كما أن تبني نمط حياة صحي، يشمل نظامًا غذائيًا متوازنًا، وممارسة النشاط البدني، وتجنب العادات الضارة، يلعب دورًا محوريًا في تعزيز صحة البروستات والوقاية من العديد من الأمراض.
في الختام، يجب على كل رجل أن يكون شريكًا فعالًا في رعاية صحته، وأن لا يتردد في استشارة الطبيب عند ظهور أي أعراض مقلقة، فصحة البروستات هي جزء لا يتجزأ من الصحة العامة وجودة الحياة.