التفكير الزايد مش ذكاء.. ده اضطراب في كيمياء دماغك
التفكير الزايد مش ذكاء.. ده اضطراب في كيمياء دماغك

هل عمرك رجعت البيت بعد يوم طويل، وجلست تفكر في كل كلمة قلتها وكل تصرف عملته؟
تحلل الموقف ألف مرة، وتقول: “يا ليتني قلت كذا”، أو “كان ممكن أتصرف بطريقة أحسن”؟
لو جاوبت بـ“أيوه”، فخليني أقولك الحقيقة الصادمة:
“التفكير الزايد مش دايمًا دليل ذكاء، بالعكس — أحيانًا هو علامة على إن دماغك مرهق كيميائيًا.”
لما يتحول الذكاء إلى فخ نفسي
في كتابه “Thinking, Fast and Slow”، العالم "دانيال كانيمان" يقول إن الدماغ عنده نظامين:
واحد سريع يعتمد على الحدس، والثاني بطيء يعتمد على التحليل والتفكير المنطقي.
المشكلة إن الناس اللي تفكر بزيادة تعلق في النظام البطيء طول الوقت،
فتبدأ تحلل كل حاجة أكثر من اللازم، وده يخليها “تعيش في حالة توتر دائم” بدل ما تتصرف.
الذكاء الحقيقي مش إنك تفكر كتير…الذكاء الحقيقي هو إنك “تعرف إمتى توقف التفكير وتبدأ الفعل”.
ليه بنفكر زيادة عن اللزوم؟
أحد أسباب التفكير الزايد هو “الخوف من الفشل” أو “الرغبة في الكمال”.
دماغك بيحاول يحميك، فكل مرة تواجه موقف، يبدأ يسألك:
"طب لو حصل كده؟ طب لو غلطت؟ طب الناس هتقول إيه؟"
بس النية الطيبة دي من المخ، بتتحول مع الوقت لعبء نفسي.
زي ما تقول عندك "كمبيوتر ذكي جدًا"، بس شغّال ٢٤ ساعة بدون راحة.
الكاتب "إيكهارت تول" في كتابه “The Power of Now” يقول:
“العقل أداة رائعة… لو استخدمته صح. لكن لو استخدمك هو، فهو اللي هيسطر عليك.”
يعني التفكير الزايد مش دايمًا بيديك حلول، أحيانًا هو اللي “يخلق المشكلة” من الأساس.
الفرق بين التفكير الطبيعي والتفكير المفرط
التفكير الصحي هو اللي يوصلك لحل، أما التفكير المفرط فهو اللي يخليك “تلف في دايرة مغلقة”.
تفتكر إنك بتفكر، بس في الحقيقة أنت بتقلق.
تسأل نفسك نفس الأسئلة يوم ورا يوم بدون أي نتيجة وده بالضبط اللي العلماء بيسموه
“Overthinking loop” —حلقة مفرغة من التفكير تولّد توتر، والتوتر بدوره يزود التفكير.
الزاوية العلمية: لما كيمياء دماغك تشتغل ضدك

اللي بيحصل في دماغك مش مجرد أفكار عشوائية.
في الحقيقة، التفكير الزايد مرتبط بتفاعل معقد بين “الفص الجبهي (Prefrontal Cortex)” و"الجهاز الحوفي (Limbic System)"، تحديدًا “اللوزة الدماغية (Amygdala)”.
- “الفص الجبهي” مسؤول عن التحليل والتخطيط واتخاذ القرار
لما يكون نشط زيادة، يبدأ يراجع كل تفصيلة، حتى البسيطة منها.
“اللوزة الدماغية” مسؤولة عن العواطف والخوف
ولما تكون في ضغط أو قلق، بتفرز إشارات عصبية تنبّه الدماغ إن في خطر — حتى لو مافيش خطر فعلاً.
وهنا تبدأ الكارثة:
اللوزة تبعت إشارة “خطر”، والفص الجبهي يحلل الموقف ألف مرة علشان يفهمه.
فينتج عن ده حلقة مغلقة من “التفكير – القلق – التفكير”.
من الناحية الكيميائية، العلماء لقوا إن التفكير الزايد يقلل إفراز “الدوبامين والسيروتونين”—
المواد المسؤولة عن التحفيز والمزاج الجيد —ويزيد من هرمون “الكورتيزول”(هرمون التوتر)،
وده يخلي المخ دايمًا في حالة استنفار بدل تركيز.
أبحاث “Harvard Health” و"Mayo Clinic" وضّحت إن ارتفاع الكورتيزول المزمن بيأثر على الذاكرة، النوم، والقدرة على اتخاذ القرار.
بمعنى آخر، التفكير الزايد فعليًا “يُضعف وظائف دماغك” مع الوقت،
ويخليك “تفكر أكتر وتنتج أقل”.
طيب إيه الحل؟ كيف نوقف التفكير الزايد؟
العلاج مش إنك "تبطل تفكر"، لكن إنك “تعيد تدريب دماغك على التوازن”.
العلماء بيأكدوا إن أفضل طريقة هي بناء عادات بسيطة تقلل نشاط اللوزة وتزيد نشاط الفص الجبهي الواعي.
زي:
1- الكتابة اليومية لتفريغ الأفكار.
2- ممارسة التأمل أو الصلاة بخشوع (بتقلل الكورتيزول فعليًا).
3- تحديد “وقت تفكير” يومي، وبعده توقف التفكير المتكرر.
الكاتب "ديل كارنيجي" في كتابه “How to Stop Worrying and Start Living” يقول:
“اللي يشغل نفسه بالفعل، ما عندوش وقت ينهار من التفكير.”
وده حقيقي علميًا، لأن الفعل بيعيد توازن الدوبامين ويريّح المخ من التحليل المفرط.
الخلاصة
مش كل اللي يفكر كتير ذكي…
وأحيانًا اللي يقدر يوقف تفكيره، هو الأذكى فعلًا.
التفكير الزايد بيبدأ كعادة نفسية، لكن بينتهي كـ اضطراب كيميائي في الدماغ.
ولأنك إنسان ذكي فعلًا، استخدم ذكاءك في *التحكم في التفكير*، مش في “إعادة التفكير في كل شيء”.