المشاعر والذاكرة: لماذا نتذكر ما شعرنا به أكثر ؟

المشاعر والذاكرة: لماذا نتذكر ما شعرنا به أكثر ؟

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

المشاعر والذاكرة : اسرار التفاعل بين القلب والعقل

تُعد العلاقة بين المشاعر والذاكرة من أبرز ما يميّز الدماغ البشري. فالتجارب العاطفية تُخزَّن بشكلٍ أعمق من الأحداث العادية، مما يجعلها أكثر بقاءً في ذاكرتنا.

لكن لماذا يحدث هذا بالضبط ؟

 أولًا: الدماغ العاطفي… اللوزة والحُصين 

عندما يمرّ الإنسان بتجربة عاطفية، يتفاعل الجهاز الحوفي (Limbic System) في الدماغ، وهو المسؤول عن المشاعر والدوافع.

أهم منطقتين هنا هما:

١- اللوزة الدماغية (Amygdala):

تعمل كجهاز إنذار عاطفي.

تحدد “قيمة” الحدث من حيث الخطر أو الأمان أو السعادة.

تفرز إشارات عصبية وكيميائية تحفّز الذاكرة 

٢- الحُصين (Hippocampus):
يحوّل التجارب اليومية إلى ذكريات طويلة المدى.

يربط الحدث بسياقه الزماني والمكاني.

يتأثر بنشاط اللوزة الدماغية بشكل مباشر

 العلاقة بينهما:

عندما تنشط اللوزة الدماغية بسبب انفعال قوي (كخوف أو حب أو غضب)، تقوم بتحفيز الحُصين لتخزين الحدث بقوة أكبر، وكأن الدماغ يقول: “هذا الحدث مهم جدًا، لا تنساه!”

 ثانيًا: كيمياء المشاعر والذاكرة

خلال التجارب العاطفية، يُفرز الدماغ مجموعة من الهرمونات والنواقل العصبية التي تؤثر في قوة الذاكرة، مثل:

  • الأدرينالين (Adrenaline): يزيد من الانتباه واليقظة، فيُعزز الترميز.
  • الكورتيزول (Cortisol): بجرعات معتدلة يُحسّن الذاكرة، لكن بجرعات عالية (في القلق أو الصدمات) يضعفها.
  • الدوبامين (Dopamine): يعزز المتعة والتعلّم ويزيد من الحافز لحفظ الأحداث الإيجابية.
  • النورأدرينالين (Noradrenaline): يقوي ارتباط المشاعر بالذكريات طويلة المدى.

إذن، ليست المشاعر نفسها فقط من تؤثر في الذاكرة، بل أيضًا الهرمونات التي ترافقها.

 ثالثًا: المشاعر السلبية مقابل الإيجابية

  • المشاعر الإيجابية (كالفرح والحب):
    تُحفّز مناطق في الفص الجبهي الأمامي (Prefrontal Cortex) تساعد على تنظيم الذاكرة والتعلم والإبداع.
  • المشاعر السلبية (كالخوف والحزن):
    تُنشّط اللوزة الدماغية بشدة، مما يؤدي إلى تخزين الحدث بوضوح ولكن أحيانًا بتشويه جزئي للتفاصيل — لذا نتذكر الألم أكثر من الوقائع الدقيقة.

ولهذا السبب تظهر ظاهرة تُسمّى “تأثير العاطفة القوية” (Emotion-Enhanced Memory Effect)، أي أن الأحداث المشحونة بالعاطفة تُحفر في الذاكرة أكثر من غيرها.

 رابعًا: عندما تصبح العواطف مفرطة

في حالات الصدمة النفسية أو اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، يُفرز الدماغ كميات كبيرة من الكورتيزول، ما يضعف الحُصين ويؤدي إلى:ضعف في تنظيم الذاكرة.

نسيان جزئي أو صعوبة في التذكّر.

إعادة معايشة مؤلمة للأحداث (Flashbacks).

أي أن المشاعر القوية جدًا قد تفسد عملية الحفظ بدلًا من تعزيزها.

خامسًا: لماذا نتذكر ما نشعر به أكثر؟

من منظور تطوري، كان الهدف من تخزين الأحداث العاطفية هو البقاء.

تذكر الألم أو الخطر يحمي الإنسان من تكرار الموقف.

ولهذا نتذكر:ملامح من أحببناهم، أو تفاصيل المواقف المؤلمة،
أكثر بكثير من الأحداث اليومية العادية.

 سادسًا: كيف نستخدم المشاعر لتحسين الذاكرة؟

  1. اربط المعلومات بالعاطفة: استخدم القصص والمشاعر أثناء التعلم.
  2. تعلم في حالة نفسية إيجابية: لأن المزاج الجيد يعزز الحفظ.
  3. مارس الامتنان والتأمل: لتقوية التواصل بين اللوزة والحصين بشكل صحي.
  4. ابتعد عن التوتر المزمن: لأن الكورتيزول العالي يضعف خلايا الحُصين بمرور الوقت.

✨ خلاصة علمية:

  • المشاعر تنشّط اللوزة الدماغية، التي بدورها تُحفّز الحُصين لتخزين الذكريات بقوة.
  • الهرمونات العصبية مثل الأدرينالين والدوبامين تعمل كـ”مقوٍّ طبيعي” للذاكرة.
  • التوازن العاطفي هو المفتاح بين ذاكرة قوية وذاكرة منهكة. لذلك نقول:“نحن لا نتذكر ما رأيناه فقط، بل ما شعرنا به بعمق.
التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
Shaimaa Khaled تقييم 5 من 5.
المقالات

4

متابعهم

3

متابعهم

1

مقالات مشابة
-
إشعار الخصوصية
تم رصد استخدام VPN/Proxy

يبدو أنك تستخدم VPN أو Proxy. لإظهار الإعلانات ودعم تجربة التصفح الكاملة، من فضلك قم بإيقاف الـVPN/Proxy ثم أعد تحميل الصفحة.