"اضطراب الشخصية النرجسية: سمات، أسباب وتأثيره على العلاقات"
"اضطراب الشخصية النرجسية: سمات، أسباب وتأثيره على العلاقات"
إضطراب الشخصية النرجسية (Narcissistic Personality Disorder) :هو أحد اضطرابات الشخصية التي تثير اهتمام الباحثين والأطباء النفسيين لما له من تأثير كبير على الفرد والمجتمع. يتميز هذا الاضطراب بوجود نمط سائد من العظمة، والحاجة المستمرة للإعجاب، مع افتقار للتعاطف تجاه الآخرين. لا يعد مجرد حب الذات أو الثقة بالنفس، بل يتجاوز ذلك إلى مستوى مرضي يؤثر سلبا على العلاقات الاجتماعية والمهنية.
السمات الأساسية لاضطراب الشخصية النرجسية:
الأشخاص الذين يعانون من هذا الاضطراب يظهرون مجموعة من الصفات التي يمكن ملاحظتها بسهولة، وأبرزها:
1- الإحساس المبالغ به بالأهمية: يرى الشخص النرجسي نفسه مميزا وفريدا، وتجده يتحدث عن نفسه بشكل مبالغ فيه، ويعتقد أنه يستحق معاملة خاصة ( VIP ).
2- التطلع إلى الإعجاب المفرط: يبحث دائمًا عن التقدير والثناء من الآخرين، وقد يشعر بالإحباط عند غياب هذا التقدير.
3- إفتقار التعاطف: يجد صعوبة في فهم مشاعر الآخرين أو الاهتمام بها.
4- إستغلال الآخرين: يستخدم الأشخاص من حوله لتحقيق مصالحه الشخصية دون مراعاة لمشاعرهم أو حقوقهم.
5- الغيرة المستمرة: غالبا ما يغار من نجاح الآخرين ويعتقد أن الآخرين يغارون منه أيضا. وقد لا يحب النجاح لأحد.
6- صعوبة فى الحفاظ على العلاقات: يجد صعوبة فى الحفاظ على علاقات صحية بسبب سلوكه النرجسى.
الأسباب والعوامل المؤثرة:
لم يتم تحديد سبب واحد لهذا الاضطراب، بل تتداخل عدة عوامل في نشأته، منها:
1- العوامل الوراثية: تشير الدراسات إلى وجود استعداد وراثي للإصابة.
2- العوامل البيئية والتربوية: قد يسهم التدليل المفرط في الطفولة، أو على العكس الإهمال العاطفي، في تعزيز السلوكيات النرجسية.
3- العوامل النفسية: غالبا ما تكون النرجسية آلية دفاعية لتعويض مشاعر النقص أو انعدام الأمان الداخلي.
تأثير النرجسية على العلاقات:
يواجه الأشخاص النرجسيون صعوبات كبيرة في بناء علاقات مستقرة وصحية، سواء كانت علاقات عاطفية أو مهنية. فطبيعتهم الأنانية تجعلهم يركزون على احتياجاتهم الخاصة دون مراعاة لمشاعر الآخرين، ما يؤدي غالبا إلى حدوث صراعات وانفصال. كما يمكن أن يخلق ذلك بيئة سامة في مكان العمل، حيث يسعى النرجسي دائمًا للسيطرة والتفوق على الآخرين.
العلاج والتعامل مع الاضطراب:
رغم صعوبة علاج اضطراب الشخصية النرجسية بسبب رفض المصاب الاعتراف بمشكلته، فإن العلاج النفسي، وخاصة العلاج السلوكي المعرفي، يعد من أكثر الطرق فعالية. يهدف العلاج إلى مساعدة الشخص على إدراك أنماطه السلوكية غير الصحية وتعلم طرق جديدة للتواصل والتعاطف. في بعض الحالات، قد تستخدم الأدوية لعلاج الأعراض المصاحبة مثل القلق أو الاكتئاب.
الخلاصة:
اضطراب الشخصية النرجسية ليس مجرد حب للذات، بل هو حالة نفسية معقدة تتطلب فهماً عميقا وتعاملا حذرا. إدراك المجتمع لهذه الاضطرابات يساعد في تقليل وصمة العار وتشجيع المصابين على طلب المساعدة. فالتوازن بين الثقة بالنفس واحترام الآخرين هو مفتاح العلاقات الإنسانية السليمة.
